الدعوات - كما فهمنا - كانت مقتصرة على الشباب من ذوي التوجهات اليسارية والمستقلة، وصاحب الفكرة هو أحد المحسوبين على «التيار» المطالب بالاصلاح والمتعاطف سياسيا مع رئيس الحكومة، فيما غاب عنه «شباب» الحركة الاسلامية الذين لم يتلقوا دعوة اليه أصلا.
على مدى ساعات عرض «المدعوون» مطالبهم وافكارهم، وتناولوا أبرز القضايا التي دفعتهم للخروج الى الشارع، بعضهم انطلق من مطالب شخصية كدليل على ما يعانيه الشباب من «تهميش» وعدم اهتمام وحرمان من أبسط حقوقهم الحياتية، وبعضهم استعرض ما تضمنته الشعارات التي رفعت مؤخرا في الشارع لوضع الرئيس امام «حزمة» الاصلاحات المطلوبة وطنياً وشعبياً.
مداخلات البخيت واجاباته كانت مختصرة، فهو - على ما يبدو - يريد ان يستمع اكثر مما يريد ان يناقش أو يقنع او يقدم حلولا عاجلة، وحين سألت بعض الذين شاركوا في الحوار عن انطباعاتهم ذكروا بأن «الرئيس» عبر لهم عن جديته في الاصلاح وعن «نية» الحكومة في التحرك نحو اجراءات وممارسات حقيقية لتطمين الاردنيين على مضي قطار الاصلاح في سكته الطبيعية بدون تعجل وبدون ابطاء ايضا، قالوا لي بأن الرئيس ظهر وكأنه «مقيد» أو انه أمام قوى شد عكسي يحاول ان يتجاوزها، ولكن حتى الأن لم ينجح في ذلك، وأضافوا بأن الحوار كان محاولة «لاحتوائهم» أو ربما استرضاء البعض، لكن هذه المهمة اصطدمت بارادة قوية لديهم مفادها ان لا عودة عن الضغط باتجاه الاصلاح، وان الكلام والوعود لا تفيد وحدها ما لم تتزامن مع ممارسات في الواقع، وان امتحان الحكومة هو على الارض.. لا على طاولة اللقاءات والحوارات.
سألت أحد المشاركين فيما اذا كان الرهان على «الحراك الاجتماعي» لدفع الحكومة الى الاستجابة لمطالب الناس في محله الصحيح أم لا؟ فذكر لي أن «البروفات» التي شهدها الشارع الاردني على صعيد الحراك الاجتماعي (بعيدا عن الحراك السياسي) كانت مشجعة للانتقال الى مرحلة جديدة تؤطر هذا الحراك وتدفعه الى الامام.. وشرح لي ما يشبه خارطة الطريق للانتقال لمرحلة جديدة يكون فيها الحراك الاجتماعي أقوى واكثر أثرا مما يتوقعه الكثيرون.
سألته: هل خرجتم بعد الحوار مع الرئيس اكثر اقتناعا بأن الاصلاح يمضي في طريقه الصحيح ويذهب الى عناوينه الحقيقية أم العكس، فقال: للأسف ما نزال نعتقد بأن الحكومة لم تتحرر من القيود التي تكبلها، وبأن «خصوم» الاصلاح هم من يتولون ادارة الملف، وبالتالي فقد خرجنا اقل تفاؤلا واكثر اصراراً على مواقفنا وحراكنا السلمي.
سألته: هل شعرتم ان ثمة من يريد ان يختطف هذا الحراك أو ان «يوظفه» لاهداف ما أو ان يحتويه بشكل أو بآخر؟ ضحك وقال: اعتقد ان ذلك كان أحد اهداف الدعوة التي وجهت الينا، ولكن حراكنا - كما لا يعرف البعض - لا علاقة له بأي نخب أو احزاب أو قوى سياسية، كما انه لا «آباء» له ولا ابطال فيه، فهو يعبر بشكل عفوي عن مطالب الناس ويحاول ان ينتصر لقضاياهم.
باختصار، رسالة الدكتور البخيت وصلت الى الشباب، لكن المهم ان تصل رسالة هؤلاء الشباب الى الحكومة، والاهم من ذلك ان تفهمها وتعمل على تحويلها الى ممارسات حقيقية تقنعهم بأن الاصلاح والتغيير قد يتحقق بدون احتجاجات في الشارع، وبدون أخذ ورد وهواجس وصراعات لا جدوى منها ولا طائل ايضاً.
قال لي أحدهم: الحراك الاجتماعي - حتى الآن - لا يعبر عن حقيقة ما يختبىء في الشارع من «احتقانات» ولهذا أخشى ان نفاجأ بخيارات اخرى يصبح عندها حراكنا جزءاً من الماضي.. أو جزءاً من المشكلة التي قد تعجز عن مقاربة ما يلزمها من حلول سياسية!
البخيت يحاور شباب الحراك الاجتماعي: الرسائل وصلت مطلوب أن نفهمها!
أخبار البلد -
في جلستين منفصلتين (على الأقل) التقى الدكتور البخيت في الأيام الماضية عددا من الشباب «الفاعلين» في الحراك الاجتماعي الذي تشهده المحافظات، والهدف - على ما يبدو - هو فهم ومعرفة ما يدور في أذهان هؤلاء الشباب من أفكار وطروحات وما يسعون الى تحقيقه من مطالب على أرضية التغيير والاصلاح التي اصبحت «مهيأة» لاستقبال المزيد من الاحتجاجات.