اخبار البلد- بسام بدارين - عندما جلس رئيس مجلس الأعيان الأردني طاهر المصري إلى الشيخ حمزة منصور زعيم حزب جبهة العمل الإسلامي بهدف إستمالته للمشاركة في لجنة الحوار الوطني بعد توافق أولي على الإلتحاق بالحافلة كان رد الشيخ المخضرم: دولة الأخ الكريم شكرا لإهتمامك الشخصي لكن نشعر بأن الهدف إحتواؤنا.
مقاصد الشيخ منصور واضحة هنا وتدلل على ان التيار الإسلامي لم يشارك في لجنة الحوار الوطني وتوصياتها كمطبخ إستراتيجي للأفكار والمقترحات لإنه قرر الإحتماء بالشارع بدلا من التورط في حالة إحتواء سياسي.
لكن حجة الشيخ المخضرم وهو أحد أبرز رموز الحرس القديم في التنظيم الأخواني قد لا تكون هي نفسها المعتمدة في أروقة القرار الرسمي حيث تتشكل قناعة مزدوجة وسط النخب الرسمية لم تعد خافية قوامها ان النسخة الأردنية من الأخوان المسلمين قررت التريث وإلتزام الصمت والشغب طويلا إلى ان تتضح بوصلة الحركات الشقيقة في كل من مصر وتونس وسورية.
وبالتزامن لا يخفي المصري نفسه ونظراء لهم شعورهم بأن مراكز التحكم في قرار الإسلاميين تبدلت ولم يعد يجلس فيها أولئك المشايخ الذين لاعبوا الدولة والحكومات ولاعبتهم بلطافة طوال نصف قرن حيث تتحكم بقرار الأخوان المسلمين نخب شابة طازجة لا تستمع لنصائح ومقترحات الحرس القديم مثل حمزة منصور وعبد اللطيف عربيات وإسحاق الفرحان وغيرهم.
وليس سرا أن بعض أبرز هذه الوجوه التي يصفها رئيس الوزراء معروف البخيت بأنها خطفت الحركة الإسلامية لا تخفي مواقفها السياسية الصاخبة وتعلن انها بصدد تغيير قواعد اللعبة على أساس شركاء للدولة وليس تابعين لها وهو شعار رفعه علنا الشيخ زكي بني إرشيد القيادي الأكثر تعرضا للنقد والقصف ـ بلا فائدة - من الوسط الرسمي.
وليس سرا أيضا ان نفوذ بني إرشيد وأمثاله تأسس من حيث مجده وحضوره القوي على سياسات التجاهل والتطنيش والتطفيش السلطوية التي حاولت عزل هؤلاء ورفضت منذ عام 2005 التلاقي معهم أو حتى البحث عن نقاط تلاقي معهم فأول لقاء رسمي حظي به الشيخ بني إرشد مثلا كان عام 2009 في عهد وزارة الرئيس سمير الرفاعي.
وإزاء المحاولة الرسمية المحمومة للبحث عن تفسير لدوافع تعنت الإسلاميين ورفضهم المشاركة بقافلة الحوار الإصلاحي يجد بعض المسؤولين أنفسهم مجبرين على الإشارة لإن سقف طموحات وتوقعات الإسلاميين إرتفع كثيرا على أساس أنهم محكومون الآن بمشهد النسخة المصرية من ميدان التحرير ويسعون إلى إستنساخه وتقليده وهي عبارة قيلت فعلا في إجتماعات رسمية مع الديوان الملكي ورئاسة الوزراء.
وفي الواقع ملاحظ تماما بأن الفصيل المتنفذ الآن في الحركة الإسلامية لا يجتهد في نفي تهمة الإستنساخ المشار إليها مما يغذي مفاصل القلق عند النظام الذي لم يعد يخفي قلقه من إحتمالات إستحكام الإسلاميين في مصر وتونس ودورهم الغامض في سورية.
وتلك مسائل بحثت فعلا في أضيق قنوات ونوافذ الحوار ووسط تأكيد مرجعي بأن الدولة الأردنية الان تقف مع النظام السوري وتحاول مساعدته بالنصيحة فقط وليست في وارد البناء على صداقتها القديمة مع النسخة السورية من تنظيم الأخوان المسلمين.
واليوم يطالب كثيرون التيار الإسلامي ليس بالإلتحاق بركب الحوار الإصلاحي الذي قال الشيخ بني إرشيد صراحة لـ'القدس العربي' انه يشك فيه وبغطائه السياسي الحقيقي ولكن بتقديم براهين ودلائل على أن الهدف ليس نسخة أردنية من ميدان التحرير وهي مطالبة يرد عليها مشايخ الأخوان بقولهم: نحن دعاة إصلاح ولسنا دعاة صدام وبنفس الوقت لسنا ملزمين بتقديم أية براهين لأي جهة.
والعبارات الأخيرة هي التي تخيف النخب الأردنية سواء تلك المناهضة فكريا وسياسيا للإسلاميين او تلك التي ستخرج مصلحيا من الملعب لو دخلوا إليه بثقلهم وقوتهم لكن الجديد والمثير ان هذا الخوف أصبح قاسما مشتركا لكل مجالسات الساسة الأردنيين من النوعين.