اللجوء والحياة في الهامش

اللجوء والحياة في الهامش
أخبار البلد -  

 

 

من الطبيعي أن تُبنى مخيمات اللاجئين على هامش المدن، فالبؤساء لا أحد يريد أن يراهم، يجب عزلهم مثل مرض معد. لو أمكن كنسهم خارج البلاد لكان ذلك أفضل، ولكن بما أنهم موجودون يجب كنسهم إلى خارج المدن. اللاجئ في بلدنا ليس فكرة حقوقية، تترتب له حقوق وواجبات كبشر يستحقون الحماية من العوز والحاجة. على العكس، اللاجئ في بلادنا هو الغريب والمتطفل على غيره والخطر على البلد، وهذا ليس بالنسبة إلى السلطات فحسب، بل بالنسبة للكثيرين من السكان المحليين أيضاً. وبما أن اللاجئين الطرف الأضعف في معادلة الصراع المحلي، كونهم غرباء، فغالباً ما يتم توجيه الغضب والاحتقان ضدهم، واعتبارهم سبب المصائب الكبرى التي تصيب البلدان المستضيفة لهم.

 

 

هذا ما بدأ مع اللاجئين الفلسطينيين، واستمر مع اللاجئين العراقيين، ويتكرر اليوم مع اللاجئين السوريين، ويتكرر في كل تجربة لجوء كبيرة، وهذه العدوى أصابت حتى الدول الأوروبية في موجة الهجرة الكبيرة للأعوام القليلة الماضية بسبب الأوضاع المأسوية في سورية.

 

 

أن تكون لاجئاً، فهذا يعني أن تعيش في الهامش، وفي هامش بلدان القهر، فيما يكون القهر مركّباً ومضاعفاً، بحيث ترى العجيب من الأشياء. والفلسطينيون اختبروا طويلاً هذه التجربة، وشاهدوا فيها العجب. ليس أولها طابور الإذلال للحصول على المساعدات الغذائية أو غيرها من المساعدات، أو منع اللاجئ من العمل بذريعة مقاومة التوطين! (لبنان)، أو قتله لعمالته للنظام (العراق) أو أن ينجب اللاجئ لاجئاً إلى ما لا نهاية، أو أن تسجل ابنك المولود في 1991 بوصفه لجأ إلى سورية في 1948 (هذا ليس كوميدياً، هذا ما اختبرته بنفسي). هل هناك غرائبية أكثر من ذلك؟!

 

 

من عين اللاجئ، ترى العالم من زاوية الحاجة والعوز والتقنين، الخوف من الحاجة تسيطر عليك، وتنقلها لأولادك، والنكبة قد تتكرر، ماذا نفعل؟ كان السؤال يلح على الفلسطينيين في المنافي، لكن لا جواب عن السؤال، وعندما نُكب الفلسطينيون في كل أماكن وجودهم في فترات مختلفة، كانوا عاجزين عن فعل أي شيء، كانوا ضحايا مركّبين، خوفهم لم يحمهم من الكارثة. أن تولد وأنت خائف، وأنت لا تنتمي إلى المكان، ولن تنتمي، والعالم كله مغلق في وجهك، أن تولد وشبح الحاجة يلاحقك، وهويتك ضائعة بين وطن غائب، وأرض موقتة، وتحمل بطاقة لاجئ من جهة، وتحمل بطاقة إقامة موقتة يمكن أن تنتهي في أي وقت من جهة أخرى، أن تولد في مكان تشعر فيه أنك فائض عن الحاجة وأنك عبء على الدولة التي ولدت فيها صدفة، كل هذا والكثير مثله، يجعل هويتك مغمسة بالخوف، وتصبح أكثر تعقيداً من أقرانك من البؤساء الذين يحملون بطاقة هوية دائمة. أن تولد في الهامش، يمنحك الإحساس الدائم بالموقت، لا شيء ثابتاً، كل شيء يتغير، هناك أسقف زجاجية وباطونية يرتطم رأسك بها كلما حاولت رفعه. أن تولد في الهامش، هذا يعني أن تفقد توازك، وهو ما يجعلك تقضي كل حياتك في محاولات متعثرة لتجد توازنك في عالم يهتز تحتك طوال الوقت، ولا يهدد توازنك فحسب، بل يهدد وجودك كله.

 

 

 

 

 

 

 

 

* كاتب فلسطيني

 

 

للكاتبTags not available
 
 


 
شريط الأخبار أول تصريح أمريكي عن نوع السلاح المستخدم في اغتيال نصر الله خلال ملتقى الاتصال.. إعلاميون وسياسيون أردنيون وعرب يحذرون من مخططات الاحتلال ترامب: بايدن أصبح متخلفا عقليا أما هاريس فولدت هكذا الإمارات تواصل دعم الأهالي في قطاع غزة بمقومات الحياة تحذير جديد من طائرات بوينغ.. ما القصة؟ وزيرة النقل تتفقد مطار عمان المدني التعليم العالي: فرصة أخيرة لتسديد الرسوم الجامعية للطلبة الجدد حتى 5 تشرين الأول "الطاقة والمعادن" ترفض 4 طلبات تتعلق بقطاع النفط ومشتقاته بتوجيهات ملكية.. الأردن يرسل طائرة مساعدات ثانية إلى لبنان رقمنة 60% من الخدمات الحكومية بواقع 1440 خدمة حكومية للآن الملك يتابع عملية تجهيز مستشفى ميداني أردني للتوليد والخداج سيرسل لغزة قريبا كلاب ضالة تنهش طفلاً حتى الموت في مادبا الحنيفات : كل فرد في الأردن يهدر 101 كيلو من الطعام سنويا كانت "سليمة".. انتشال جثة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية يقرر الموافقة على تسجيل وإنفاذ نشرة إصدار صندوق استثمار مشترك مفتوح "النقل البري" تفقد صلاحية المركبات العمومية استعداداً لفصل الشتاء نقيب المجوهرات علان : يوضح سبب تراجع فاتورة الذهب المستورد اخطاء نحوية في تغريدة مهند مبيضين ..والجمهور "مين اضعف هو ولا المناهج" ميقاتي: ليس لنا خيار سوى الدبلوماسية الملخص اليومي لحركة تداول الأسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الاحد .. تفاصيل