«حماس» والتخلص من الحمولة «الداعشية»

«حماس» والتخلص من الحمولة «الداعشية»
أخبار البلد -  

قد يكون من مفارقات التجربة الفلسطينية، أن ولادة «حماس» في 1988 بميثاقها المتشدد ذي الشحنة الدينية العالية، جاءت فيما منظمة التحرير، وعبر مسار طويل ومرير، تبحث عن اعتراف أميركي لتثمير الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انفجرت نهاية 1987، فجاء إعلان الاستقلال محاولة لكسر الموقف الأميركي من المنظمة ولتجاوز الصيغة المتشددة للميثاق الوطني الفلسطيني.

 

 

لكن ذلك لم يكن يكفي. كان المطلب الأميركي واضحاً: اعتراف المنظمة بالقرار 242 لمجلس الأمن باعتباره أساس الحل المقبول دولياً، واعتبار الميثاق لاغياً.

 

 

حينذاك ناور ياسر عرفات، حول الاعتراف والإلغاء المواربين عبر صيغة «كادوك» للميثاق، التي تعني «ملغى»، لكن المطلب الأميركي كان واضحاً، فكان الإقرار الفلسطيني الذي طالما حاولت المنظمة تجنب الاعتراف به، أن الحل النهائي سيكون على أساس القرار 242، وسقفه الأعلى الضفة وغزة.

 

 

التذكير بهذا، لسبب بسيط: أن «حماس»، على رغم الكلام الذي قاله خالد مشعل رئيس مكتبها السياسي، حول اعترافها بنضالات الآخرين، فهذا الكلام لا تدعمه الوقائع، ولا تاريخ «حماس» التي تعتبر أن التاريخ النضالي الفلسطيني ولد مع ولادتها. فعندما يحيل ميثاقها إلى تاريخ نضالي سابق على الحركة يحيل إلى حركة القسّام في الثلاثينات، وقتال «الإخوان المسلمين» في 1948 وفي 1968، لكنه لا يأتي على ذكر نضالات المنظمة وفصائلها واعتبارهم جزءاً من التاريخ النضالي الفلسطيني.

 

 

من الطبيعي عندما تعتبر «حماس» أن التاريخ الفلسطيني بدأ معها، فهي تتعامل مع ذاتها وليس مع العالم أو المنطقة أو التجربة الفلسطينية. وأي عارف بالتاريخ الفلسطيني، يدرك حجم التشابه أو حتى التطابق، بين وثيقة «حماس» والبرنامج المرحلي الفلسطيني الذي تصارعت عليه الساحة الفلسطينية بين رفض وقبول خلال النصف الثاني من السبعينات. أما الفارق في الظروف التاريخية فبين برنامج كان يستند إلى تجربة صاعدة، حالة عربية إيجابية إلى حد كبير بعد حرب 1973، واعتراف عربي ودولي متزايد: ففي 1974، تم الاعتراف العربي والدولي بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً. وإذا قارنّا بالواقع القائم اليوم، فحدّث ولا حرج عن التردي المرعب الذي نعيشه، فلسطينياً وعربياً ودولياً.

 

 

لم تأتِ وثيقة «حماس» بجديد فلسطينياً، فهذا الفيلم سبق عرضه على الشاشة الفلسطينية وفي ظروف أفضل ولم يوصل إلى مكان. وإعادة اختراع الدولاب عمل عبثي في السياسة. وبالعودة إلى نص الفقرة 20 الذي اعتبره خالد مشعل دليل الحيوية والمرونة والتطور والنضج عند الحركة، فلا أعتقد يوجد وثيقة في تاريخ التجربة الفلسطينية، فيها من التناقض والاستخفاف بعقول الآخرين كهذا النص الذي لا يعني شيئاً إطلاقاً.

 

 

وإذا كانت «حماس» تقصد أن إقامة الدولة حل نهائي للصراع، فإن بداية الفقرة لا معنى لها، ووضع التحوطات والاشتراطات السابقة على صيغة التوافق الوطني يفقد التوافق معناه ويلغي حل الدولة على حدود 1967.

 

 

والسؤال الأهم: كيف تعتقد «حماس» أنها ستنجز الدولة على حدود 1967؟

 

 

الخيار الأول: التحرير، إذا كان التحرير ممكناً، فما حاجة «حماس» لدولة على حدود 1967؟ فطالما هي قادرة على ذلك فلن تخوض حرب تحريرها على أساس خريطة 1967 المعقدة! أعتقد اليوم أن الكلام عن تحرير كامل التراب بات ممجوماً، وهو انفصال نهائي عن الواقع، يحاكي رغبات شعبوية ليس إلا.

 

 

الخيار الثاني: دولة فلسطينية من طريق المفاوضات، كيف ستفاوض «حماس» إسرائيل؟ ستقول لها: إنّني أريد دولة فلسطينية على حدود 1967 لا تنهي النزاع، وسأبقى أحاربك حتى أحرر كل التراب الوطني من احتلالك، وعليك في المفاوضات أن تمنحيني دولة ذات سيادة، مع احتفاظي بحق محاربتك حتى القضاء عليك. وهل يعتقد الذين كتبوا الوثيقة حقاً أن إسرائيل ستقدم لهم الدولة على طبق من ذهب؟ أي جنون سياسي هذا؟!

 

 

هذه الفقرة التي يعتبرونها دليل تطور ونضج لا تستحق النقاش، فهي لا تغير شيئاً في الخطاب السياسي لـ «حماس»، ولا تقنع أحداً بأنها دليل مرونة. ولا أعتقد أن «حماس» ذاتها على قناعة بأن الآخرين تقنعهم هذه الصيغة البائسة. لكن يمكن القول أن هذا النوع من الصياغات السياسية يشير إلى المستوى المتردي جداً للنقاش السياسي الفلسطيني. طالما الوضع كذلك، لماذا هذه الوثيقة الآن، وما الجديد الذي فرض طرحها؟

 

 

لا أعتقد أن للوثيقة دوراً في إظهار «حماس» بصفتها طرفاً مرناً في شأن المفاوضات مع إسرائيل وإنجاز حل تفاوضي. ليس هناك معطيات سياسية دولية أو إقليمية تقول أن هناك محاولات جدية لمفاوضات فلسطينية - إسرائيلية، قد تفضي إلى حل الدولة.

 

 

أين المشكلة إذاً؟

 

 

المشكلة أن «حماس» اختبرت ما اختبرته التجربة الفلسطينية تاريخياً، من أن القرار الفلسطيني لا يمكن أن يكون مستقلاً، وأن الخارج له تأثير حاسم في الساحة الفلسطينية، لا يمكن تجاوزه، بالتالي هناك واقع جيوسياسي تعيش فيه «حماس» لا يمكن تجاوزه. وقد حاول ياسر عرفات سابقاً التمسك بالقرار المستقل، واللعب على التناقضات العربية - العربية، لكن كل محاولاته لم تنجح لسبب بسيط، هو أن التجربة الفلسطينية محكومة بجغرافيا الآخرين. واليوم تحاول «حماس» أن تتكيّف، لكن من موقع متأخر في التجربة الفلسطينية، أي أنها تصل اليوم إلى ما وصلت إليه فصائل منظمة التحرير قبل أكثر من أربعين عاماً. وأعتقد أن وظيفة الوثيقة ليست هنا إطلاقاً. وظيفتها في مكان آخر، في محاولة فك العلاقة مع الإرهاب بالمعنى «الداعشي» للكلمة.

 

 

فما هو أهم من الفقرة العشرين في الوثيقة، هو التخلص من الحمولة الدينية للميثاق. وما يميز الوثيقة عن الميثاق خلوها من الاستشهاد المتكرر بالآيات القرآنية الذي رافق فقرات الميثاق. وأهم منه خلوها من اجتهادات وآراء فقهية «داعشية» احتوتها فقرات الميثاق بقوة، وفك العلاقة مع «الإخوان المسلمين»، بمعنى أن لا يرتبط مصير «حماس» بمصيرهم في المنطقة، وتحديداً مصر. إنها محاولة لحماية الرأس، وفي تقديري أن هذه النصيحة جاءت من تركيا أردوغان.

 

 

فإذا استغرقت هذه الوثيقة أربع سنوات نقاش لإقرارها، وفقاً لخالد مشعل، صحّ أنها وثيقة منفصلة عن الواقع. فـ «حماس» حتى تعود إلى الواقع تحتاج إلى نقاش داخلي سيستمر حتى القرن الثاني والعشرين.


 

 
شريط الأخبار "بورصة عمان" تنهي تداولاتها لجلسة الإثنين بنسبة انخفاض (0.39%) البنك "الاستثماري" يفوز بجائزتين مرموقتين من جوائز الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية العالمية المستحقون لقرض الإسكان العسكري لتشرين الأول (أسماء) نائب الأمين العام لحزب الله: "إسرائيل" لم ولن تطال قدراتنا العسكرية.. وجاهزون لحرب برية متقاعدو الفوسفات يعودون إلى الشارع مجددًا: تعنّت الإدارة وملف التأمين الصحي يشعلان الاحتجاجات العقبة.. مفصول من عمله بمصنع يفتح النار بشكل عشوائي ويصيب اثنين لماذا تم تعيين رئيس تنفيذي جديد "لكيا الأردن" في هذا الوقت؟ التقى برجل مجهول وصافحه... تفاصيل جديدة عن عملية إغتيال نصر الله فيديو يظهر الحايك وهو يتوقع عدوان اسرائيل على منطقة الكولا في بيروت.. ماذا قال؟ الأمن يعلن عن تعديلات واسعة في عمل جسر الملك حسين عاجل. 6 كلاب ضالة نهشته في رأسه ورقبته.. تفاصيل صادمة عن حادثة وفاة طفل بالجيزة العجلوني : نتائج الشامل الدورة الصيفية 2024 يوم الأربعاء الموافق 2/10/2024 بسبب حذائها الأحمر.. موقف محرج لوزيرة الخارجية الألمانية في شوارع نيويورك (صور) 1238 باخرة رست على أرصفة ميناء العقبة الجديد وميناء الركاب في 2024 «حماس» تعلن مقتل قائدها في لبنان وعضو قيادتها في الخارج، فتح شريف أبو الأمين، مع بعض أفراد عائلته في ضربة إسرائيلية في جنوب لبنان راقصة مصرية تكشف عن طلب وزير خارجية أميركي سابق الزواج منها اجواء خريفية معتدلة فوق المرتفعات اليوم وانخفاض الحرارة غدًا تحويل مستحقات مراقبي ومصححي التوجيهي للبنوك يوم غد الثلاثاء وفيات الاردن اليوم الاثنين 30/9/2024 أوامر بالابتعاد عن المنطقة فورا.. حريق ضخم في مختبر للكيماويات بولاية جورجيا الأمريكية (صور + فيديو) ..