الجلطة السياسية والنفاق السياسي والهدف المنشود..............
تطالعنا الصحف يوميا بكل الاخبار والاحداث على المستوى المحلي والاقليمي والدولي ، وتتطرق هذه الصحف لكل ما هو جديد في السياسة والاقتصاد والثقافة والفنون والدراسات وغيرها من اخبار الناس وقضاياهم ، ويجتهد الكتاب والمثقفين في تناول هذه الاخبار والاحداث في كتاباتهم بالتحليل والنقد واستخلاص النتائج ، ولا شك ان لكل منهم فكره ونظرته الخاصة التي يمتاز بها عن غيره في طريقة تناوله للخبر والحدث ، وخبرة الكاتب السابقة وثقافته حول موضوع معين يكون لها اكبر الاثر فيما يخلص اليه من نتائج ،
والمجتمع الاردني غني بالكثير من الكتاب الذين يفخر بهم المواطن الاردني ، بحكم قناعة القارىء الاردني بصدقهم وموضوعيتهم في الكتابة دون محاباة او تحيز او تمييز ، وشفافيتهم المطلقة في ايصال المعلومة للقارىء بشكل واضح لا غموض ولا لبس فيه ، وربما لا يعلم هؤلاء الكتاب الا القليل من القراء المتابعيين والمهتمين بشؤون البلد وفي كل المجالات والتخصصات ،
ولكن للاسف يوجد ايضا كتاب آخرين ومنهم من يحتل زاوية معينة في بعض الصحف التي يتجانس فكره مع فكر ادارتها ويدقون على وتر ونغمة معينة ، فمنهم من هو متخصص فقط في كشف كل مستور من اعمال الحكومات ، ويقعد لهم بالمرصاد وينصب لهم المجهر لرصد وكشف اصغر وادق الحقائق والاعمال ، وغالبا ما يجعل من الحبة قبة وبكل تأكيد لهدف في نفس يعقوب ، وتارة باسم الاصلاح وتارة باسم الدين او باسم الانسانية او الوطنية او التعاون العربي والاقليمي او نصرة المظلوم او الى الخ ............ من الاسباب والمسميات ومنها ما انزل الله بها من سلطان ، وعلى مبدأ المثل الانجليزي ( بطيء ولكن اكيد ) ما ان يتم تكليف هذا الكاتب بمنصب يحمل لقب معالي او لقب عطوفة او اية وظيفة مرموقة الا وتجده ترك زاويته في الصحيفة التي يكتب لها واصابته ( جلطة سياسية ) اقعدته عن كل ممارساته السابقة وافقدته صوابه ، حتى صار شغله الشاغل الدفاع عن كل قرارات وسياسات الحكومة والاستماتة في خلق الحجج والتبريرات لهذه القرارات والسياسات ، وما ان يتم الاستغناء عن خدماته بتنحيته عن ذلك المنصب في وقت لاحق ،
الا وعاد اشد واقوى شراسة ومعارضة من ذي قبل ، وعاد وتمترس في عامود كتاب احدى الصحف المعارضة وبدأ يفند وينتقد هذا الرئيس وهذا الوزير وهذا الامين العام وهذه القرارات وهذه السياسات والبرامج وهذه اللجان لا يعجبه العجب ولا صيام رجب ، ولا ترى عينه في الوطن الا الجانب السودوي متمثلا في الفساد وظلم العباد ولا ترى عينه اية ايجابيات تحققها هذه الوزارة او تلك .
اما الصنف الثالث من الكتاب وهذا الصنف الذي انتهج اسلوب ( النفاق السياسي ) كطريق آخر بديل يمكن من خلاله الوصول للاهداف الشخصية ، وهذا الصنف الذي اعتاد ان يكون من البداية مع الحكومة ويدور معها حيث دارت بايجابياتها وسلبياتها ، سواء كان مقتنعا بتبريراته وبمواقفه تجاه قرارات الحكومة وسياساتها وبرامجها او غير مقتنع ، وحتى لو كانت مواقفه على حساب ماء الوجه فكل شيء يهون لاجل المصلحة وهم من يطلق عليهم البعض فئة الصحيجة وطابور المشجعيين وعلى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ،
وان ضرر هذه الفئة من الكتاب سواء كتاب المعارضة المزعومة او كتاب النفاق السياسي اخطرعلى الوطن والمواطنين من فشل وتعثر وانتكاسات كثير من الحكومات المتعاقبة .
ومع ان المواطن العربي عموما والاردني خصوصا اصبح على درجة جيدة من الوعي والثقافة ، الا ان هذه الفئة من الكتاب ومن خلال براعتهم العالية في صياغة الجمل والكلمات والافكار بطريقة لا تدع مجال للشك بدوافعهم واهدافهم الدفينة ، وقدرتهم الفائقة في التأثير على فكر ووجهة نظر القارىء وقلب الموازين والحقائق ، وهم فئة لا يستهان بها في زمن سهل فيه شراء الضمائر بعرض من الدنيا ،
ولكن هنالك حقيقة تقول ان الثلج لا بد ان يذوب ويبان ما تحته ، وحقيقة اخرى تقول ان الكذب احباله قصيره فيمكن ان يكذب شخص على شخص او مجتمع يوم او شهر او سنة ولكن لا بد للحقيقة ان تظهر ولا بد للكاذب والمنافق ان يكتشف امره ولا بد للظالم ان يحاسب على ظلمه عاجلا ام آجلا هذه سنة الله في خلقه ولا تبديل لسنة الله وكما تدين تدان ، وحمى الله ابناء الوطن وكتابه الصادقين المخلصين والبسهم ثوب العافية والسعادة في الدنيا والاخرى وجعلهم ذخرا للوطن وعلى طريق الخير سدد الله خطاهم .
Smadi.mohd@yahoo.com