خرف المدينة الفاضلة

خرف المدينة الفاضلة
أخبار البلد -  

 

 

الصراع على الهامش يحتدم. ولكن، رغم عنف المتصارعين، فإن المشاهدين غير متضررين، بل يطالبون بالمزيد ويصرون على عدم مبارحة الكنبة أو التخلي عن الحلبة. فحين اندلعت شرارات «الربيع العربي»، ظن السذج والأبرياء والمتعلقون بتلابيب مدينة أفلاطون الفاضلة، أن العيش والحرية والعدالة تأتي بوسائل إعلام من الشعب وإليه، وعنه وبه «تماماً كما يحدث في أوروبا وأميركا والدول المتقدمة». ولكن بمضي الأشهر والسنوات، اتضح أن المدينة إياها لا وجود لها إلا في ذهن أفلاطون.

 

 

وبعد أشهر، وربما أيام من العسل عاشتها جموع المشاهدين العرب آملين في شاشات أكثر مصداقية وأصوات أصدق تعبيرية، كتلك التي كانوا يعتبرونها الشاشات كما ينبغي أن تكون حين تطل عليهم «سي أن أن» أو غيرها من ملكات الأخبار العالمية، استيقظوا على ارتطام عنيف بأرض الواقع. فالشاشات التي تصل إلى كل بيت عربي لا يسعها أبداً أن تكون شاشات لا تعبر عن الحقيقة.

 

 

ويبدو أن المشاهد العربي تعلم الدرس عبر الطريقة الأصعب والمعايشة الأعنف. فلا الحقيقة واحدة، ولا مصالح الجماهير متطابقة، وبالطبع فإن ما يراه أولياء الأمر سواء في دول الربيع أو تلك التي رعت الربيع حقيقة قد يختلف شكلاً وموضوعاً عن الحقيقة التي ينشدها المشاهد. كما أن المشاهد نفسه لم تعد مصالحه متطابقة.

 

 

وسرعان ما أيقن المشاهدون العرب، أو أيقنوا ولم يعترفوا بعد، بأن هذه التشكيلة الضخمة التي تباغتهم بها تلك الشاشة الصغيرة حيث قنوات لا ترعى سوى الإرهاب، وأخرى لا هم لها إلا الفتنة، وثالثة تدق أسافين الفرقة، ما هي إلا نتاج للعب في قواعد هوامش الحرية والعبث بمقاييسها وتسييس مكوناتها وتديينها. ومع هذا الاكتشاف بزع اكتشاف آخر لا يقل عنه أهمية. فما كان حتى الأمس القريب قبلة للحرية الإعلامية، يتهاوى اليوم أمام أعين المشاهد.

 

 

كلمات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في المؤتمر الصحافي الأول له بعد انتخابه والموجهة لمراسل «سي إن إن» مسكتاً إياه ورافضاً لإعطائه حق السؤال: «مؤسستك فظيعة. اسكت. وأخباركم كاذبة»، لم تكن إلا تأكيداً إضافياً على أن مدينة الإعلام الحر الشعبي الفاضلة لا وجود لها. والمسميات كثيرة، والعبارات المدققة عدة، والاختيارات المصطبغة بصبغة سياسية أخلاقية لا أول لها أو آخر. فتارة تأتي التغطيات الإعلامية الموجهة بسبب «مصلحة البلاد العليا»، وأخرى بحكم «ظروف الإرهاب العالمي المتفشي»، وثالثة «لدواعي الأمن القومي»، ورابعة غير معلنة حيث ضرورة فوز هذا المرشح أو هزيمة ذلك التيار أو غلبة هذا التوجه والقائمة لا تنتهي.

 

 

صحيح أن التغطيات الإعلامية الموجهة في بلاد العرب ما زالت تنأى بنفسها عن مجملات التبرير ومحسنات نكهة التوجيه، لكنّ الجميع شرقاً وغرباً، ربيعاً وخريفاً، يتساوى في خرف مدينة الفضائيات الفاضلة، وما كل هذا الصراع على الحريات سوى صراعات على الهوامش.

 

 

للكاتبTags not available


 
شريط الأخبار الملك يرعى حفل جوائز الملك عبدالله الثاني للتميز الخارجية: لا إصابات بين الأردنيين جراء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان حزب الله: قصفنا مستعمرة "جيشر هزيف" بصلية صاروخية الحكومة تقرر تخفيض أسعار البنزين 90 و95 والديزل لشهر تشرين الأول المقبل وفاة احد المصابين بحادثة اطلاق النار داخل المصنع بالعقبة البنك الأردني الكويتي ينفذ تجربة إخلاء وهمية لمباني الإدارة العامة والفرع الرئيسي وفيلا البنكية الخاصة الخبير الشوبكي يجيب.. لماذا تتراجع أسعار النفط عالمياً رغم العدوان الصهيوني في المنطقة؟ حملة للتبرع بالدم في مستشفى الكندي إرجاء اجتماع مجلس الأمة في دورته العادية حتى 18 تشرين الثاني المقبل (ارادة ملكية) الاعلام العبري: أنباء عن محاولة أسر جندي بغزة تسجيل أسهم الزيادة في رأس مال الشركة المتحدة للتأمين ليصبح 14 مليون (سهم/دينار) هيفاء وهبي تنتقد الصمت الخارجي بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان مشاهد لتدمير صاروخ "إسكندر" 12 عربة قطار محملة بالأسلحة والذخائر لقوات كييف كمين محكم للمقاومة الفلسطينية جنوبي غزة في أول تصريح لوزير الاقتصاد الرقمي سامي سميرات يعيد "نفس الكلام" !! أبو علي: 100 آلف مكلف المسجلين بنظام الفوترة الوطني الالكتروني البنك "الاستثماري" يفوز بجائزتين مرموقتين من جوائز الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية العالمية المستحقون لقرض الإسكان العسكري لتشرين الأول (أسماء) نائب الأمين العام لحزب الله: "إسرائيل" لم ولن تطال قدراتنا العسكرية.. وجاهزون لحرب برية متقاعدو الفوسفات يعودون إلى الشارع مجددًا: تعنّت الإدارة وملف التأمين الصحي يشعلان الاحتجاجات