بعد يومين على قمع قوات الدرك الأردنية مسيرة العودة في منطقة الكرامة على الحدود مع فلسطين، ما زال السؤل يحير المشاركين بالمسيرة والمتابعين لها عن الجهة التي أطلقت الرصاص الذي أدى لإصابة مشاركين بالمسيرة.
وفيما تبدي الجهات الرسمية صمتا تجاه ما جرى، يتساءل ناشطون وعائلات المصابين بالرصاص عن الجهة التي أطلقت الرصاص، فيما تستنكر عشائر العدوان -التي تعد واحدة من أكبر العشائر في الأردن- محاولات الزج بها فيما جرى وتدين التعرض أساسا لمسيرة العودة.
ويرقد الشاب جلال الأشقر (21 سنة) على سرير الشفاء في مدينة الحسين الطبية في وضع صحي بدأ يستقر اعتبارا من صباح اليوم بعد أن ظل وضعه غير مستقر منذ مساء الأحد.
ويؤكد سالم الأشقر عم الشاب للجزيرة نت، أن ابن شقيقه مصاب برصاصة اخترقت بطنه واستقرت في العمود الفقري، وأن الأطباء أجروا له أربع عمليات جراحية كان آخرها إزالة جزء من القولون لديه نظرا لتهتكه نتيجة اختراق الرصاصة لجسده.
ويشير إلى أن مصير الحالة الصحية للشاب جلال غير واضحة حتى الآن نظرا لوجود اشتباه بأن إحدى قدميه قد تتعرض للشلل.
غير أن ما يدعو للتساؤل -بحسب الأشقر- هو غياب الجهات الرسمية عن الحدث تماما وعدم تشكيل أي لجنة تحقيق.
وتابع "أحد ضباط الأمن طلب منا عدم إثارة الموضوع"، ويضيف "ولكن السؤال هو: من الذي أطلق الرصاص على ابن أخي ومن سيتحمل مسؤولية موته -لا سمح الله- أو إصابته بالشلل؟ ولماذا لم تشكل أي لجنة تحقيق وكأن المصاب ليس إنسانا له حقوق؟".
كما تعرض الشاب محمد العجوري لإصابة برصاصة في بطنه حيث لا يزال يعالج في المستشفى الإسلامي بعمان.
الناطق باسم مديرية الأمن العام المقدم محمد الخطيب قال إن المصابين أفادا بأنهما أصيبا في منطقة الكرامة، وأنهما لم يشاهدا رجال أمن يطلقون الرصاص أو يحملون أسلحة نارية.
وأضاف للجزيرة نت "المصابان قالا إنهما سيدعيان على المعتدي حال العثور عليه". وعن تشكيل لجنة تحقيق في الحادث، أكد الخطيب أن الأمن العام لا يزال يحقق في الحادث.
وكان الناطق باسم الحكومة وزير الدولة لشؤون الإعلام طاهر العدوان قدم اعتذاره لكل من أصيب في مسيرة العودة، واعتبر في مقال في صفحته على فيسبوك "أن ما جرى دليل على غياب التنسيق بين الحكومة وأجهزتها".
وأعرب عن أسفه لما وصفه بـ"المشاهد المحزنة" عند النصب التذكاري لشهداء معركة الكرامة.
ويرفض العديد من وجهاء وأبناء عشائر العدوان -التي تقطن الأغوار الوسطى المتاخمة للحدود مع فلسطين- الزج بهم في قمع المسيرة وما تخلل ذلك من إطلاق للنار.
واعتبر المختار عبد الرحمن الحسن العدوان، أن أبناء عشائر العدوان لا يقبلون بأي حال ما حدث من إساءة لمسيرة العودة أو لعلاقتهم التاريخية مع الشعب الفلسطيني الممتدة منذ الدولة العثمانية.
وقال للجزيرة نت، إن أسوار القدس تشهد على شهداء العدوان عليها كما أن منطقة النبي موسى بفلسطين لا تزال تشهد على قبور شيوخ وأبناء العدوان.
القيادي الإسلامي الشيخ إبراهيم العدوان وصف ما جرى لمسيرة العودة بأنه "مستنكر ومستهجن ومدان". وقال للجزيرة نت "لا يمكن أن نقبل الزج بأبناء عشائر العدوان فيما جرى والذي تتحمله فقط الجهات الرسمية التي فضت المسيرة".
وقال "لا يوجد لدى عشائر العدوان بلطجية ولا زعران، وأبناء العدوان وشيوخهم شاركوا بمهرجان العودة الجمعة الماضية وسيحمون المسيرات المطالبة بالعودة مستقبلا".
أما الناشط في التيار القومي فارس العدوان فقال إن ما جرى لا يتحمله أبناء العدوان، داعيا الجهات الرسمية للتحقيق فيما جرى وخصوصا حوادث إطلاق النار.
وقال إن أخطاء جرت من المتظاهرين ومن رجال الأمن ويجب التحقيق في فض المسيرة ومنع استمرارها رغم أن واجب الدولة دعم هذه المسيرات لحماية الأردن من مشروع الوطن البديل ودعم حق العودة للشعب الفلسطيني.
أما المهندس علي العدوان فقال إن تاريخ عشائر العدوان مع الشعب الفلسطيني "معروف حيث تقاسموا جميعا لقمة العيش ومكان السكن ولا يمكن القبول بما جرى لمسيرة العودة أو الإساءة للعلاقة الأردنية الفلسطينية".
ودعا الناشط السياسي سعد العبادي –الذي شارك بمسيرة العودة- الجهات الرسمية لتشكيل لجنة تحقيق في معرفة مصدر الرصاص الذي أطلق باتجاه المسيرة ولا سيما أنه تسبب بإصابتين على الأقل.
وحذر العبادي من "خطورة محاولات إيقاع فتنة بين الأردنيين والفلسطينيين لا تخدم إلا المشروع الصهيوني ضد الأردن وفلسطين".
يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يطلق فيها الرصاص على مسيرة بالأردن وتحدث خلالها إصابات بالرصاص