أصغر وزيرة سويدية، وعمرها 29 سنة، تستقيل بعد أن ضبطتها الشرطة وهي تقود السيارة تحت تأثير الكحول، وسحبت رخصتها؛ يعني أنه لم تضبطها وهي ترتشي أو تسرق. مع العلم أن نسبة الكحول في دم معاليها كانت 0.2 بروميل، وهي نسبة قليلة جدا لكن غير مسموح بها في السويد!
رئيس الوزراء أعرب عن أسفه لفقدان وزيرة ناجحة، ولم يحاول "طبطبة" الموضع والإعلان عن أن السويد خالية من السكارى. بينما هي في المؤتمر الصحفي أوضحت أنها المرة الأولى التي تقود فيها السيارة تحت تأثير الكحول، ولم تكن تعلم أنها وصلت إلى هذه النسبة (يعني "مصحصحة"). مع ذلك اعتبرته خطأ فادحا!
لن أسأل لماذا تقود السيارة بنفسها، وأين السائق الخاص؟! ونحن مدير المطبات في جهازنا الحكومي لديه ثلاثة سائقين ورابع للزوجة والأولاد. ولن أسأل كيف أصبحت وزيرة وناجحة في هذا العمر، وصاحبة قرار في الدولة؟ ونحن لدينا كثير ممن هن بعمرها لا يستطعن اتخاذ قرار باختيار عريس إلا بعد نصيحة من العمات والخالات والجارات والصديقات، وتطلب إحداهن أن تفكر أسبوعا، ثم تقول لك: "مش عارفة.. مترددة". ولن أسأل كيف استطاع الشرطي أن يوقف سيارة وزيرة ويجري لها فحص الدم؟! ونحن لدينا ربما إذا زار وزير محافظة تتحرك أمامه دورية شرطة لفتح الطريق، وقد لا يقف حتى على الإشارات الضوئية. ولن أسأل لماذا اعتبرت الأمر خطأ فادحا، فيما المشروب ليس على حساب الدولة، والحادثة خارج ساعات أوقات الدوام الرسمي، ولم تعكر "زهزهتها" صفو العلاقات مع أي دولة صديقة؟!
ارتفاع نسبة الكحول في دم الوزيرة السويدية اعتبرته خطأ فادحا، فماذا نقول عمن ارتفعت المديونية في عهده مليارات الدولارات ولم نعتبر حتى أنه أخطأ؟! وبعد خروجه من المنصب يغادر في رحلة نقاهة للترفيه عن نفسه، وكأنه أجهد من التعب، وسدد تلك المليارات من مديونيتنا ولم يزدها، لذلك احتاج فعلا للنقاهة والترفيه عن النفس.
وصلت نسبة الكحول في دمها نسبة 0.2 % فسحبت رخصتها، واستقالت، واعتذرت. ونحن نسبة الدين عندنا وصلت 90 % من الناتج الإجمالي، متجاوزة بذلك كل الخطوط الحمراء، ومع ذلك أعدنا وزراء إلى مجالس إدارة، وحصلوا على رواتب تقاعدية ومكافآت عالية.
نسبة دين عالية جدا تسري في شرايين الدولة وتعرقل مسيرتها التنموية والاقتصادية، ولم نفقد بسببها ولو مدقق حسابات!
ماذا لو فحصت السويد وزير العمل فيها، وكانت نسبة البطالة 13 %؟ ماذا لو فحصت السويد وزير المياه واكتشفت أن نسبة الفاقد من المياه 50 %؟ ماذا لو فحصت السويد وزير التربية واكتشفت أن نسبة الرسوب 60 %؟ ماذا لو فحصت السويد وزير المالية واكتشفت أن 50 % من الموظفين يعيشون تحت خط الفقر؟
0.2 % نسبة كحول في الدم دفعتها للاستقالة، فماذا عن نسبنا المفزعة التي كلما زادت لا تدفعهم ربما إلا من منصب إلى آخر أعلى؟!