النفقات المتضخمة ترجع أساساً إلى الكوادر الوظيفية التي تفوق حاجة الجامعات، ومثلها مختلف المؤسسات في الأردن، فأحدى الجامعات في جنوب المملكة شهدت عمليات توظيف هائلة تفوق قدرتها المالية وذلك للتخفيف من معدلات البطالة في المنطقة، وبقيت هذه الجامعة تعاني من الحمولة الزائدة من الموظفين وما زالت، الأمر الذي يؤثر على قدرة الجامعة على الاستدامة، عدا عن تطوير خدماتها للطلبة وللمجتمع المحلي بشكل عام.
تعيين الصرايرة لاقى ارتياحاً واسعاً في جامعة مؤتة، ومع الاستهلال المتميز للرئيس الجديد، تبقى التحديات الأخرى قائمة، وللرئيس فرصة أن يطبق تجربة متكاملة لا تقتصر فقط على التركيز على ضبط النفقات، بل تمتد أيضاً لتحقيق العدالة على مختلف المستويات في الجامعة، والأهم من ذلك هو تنويع مصادر دخل الجامعة التي تعتبر الصرح التعليمي الأهم في جنوب المملكة، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال العديد من المبادرات والاتفاقيات المهمة التي يمكنها أن تستثمر إمكانيات الجامعة المختلفة.
بالطبع لا يمكن العمل على تخفيض الكوادر الوظيفية والتعليمية بصورة جذرية، وكل ما يمكن التعامل معه هو إعادة توظيفها في المواقع التي يمكن للجامعة أن تحقق من خلالهم قدراً أكبر من الاستفادة.
استعادة سمعة التعليم الأردني أحد التحديات الرئيسية، فالتعليم هو أحدى الصادرات الاستراتيجية للأردن، ويمكن أنه أحد القطاعات القليلة التي يمكن أن تستفيد من انخفاض أسعار النفط وتراجع الإنفاق في الخليج، وبحيث تحصل الأردن على موقع تنافسي متميز قياساً بالتكلفة العالية للابتعاث الخليجي للدول الأوروبية والولايات المتحدة، ولكن ذلك لا يمكن أن يتحقق مع تواصل الضربات التي يتلقاها التعليم في الأردن والحالة غير المقبولة لمخرجات التعليم الجامعي في السنوات الأخيرة.
من الصعب التعرف على رؤية الدكتور الصرايرة وغيره من رؤساء الجامعات الأردنية بخصوص تسويق التعليم في الأردن من جديد، ويمكن أن مجموعة من المهارات الخاصة بذلك غير متوفرة بالضرورة لدى الأكاديميين البارزين الذين يصلون إلى منصب رئاسة الجامعة، ولكن يتوجب على الأقل التعرف على تجارب الجامعات التي حققت توسعاً في عملياتها وأنشطتها وخدماتها، وخاصة في المملكة المتحدة.
كانت القدرة على التسويق والتواصل عاملاً مهماً في استقطاب جامعات أوروبية وأمريكية واسترالية لتقدم برامجها الدراسية في دبي، وذلك على الرغم من التكلفة التشغيلية العالية، وتغيب الأردن عن المنافسة في المجال التعليمي مع أنه كان يمكن أن يتحول لمقصد للجامعات الأوروبية التي تستهدف الطلبة في منطقة الخليج العربي، ويبدو أن قصر النظر من قبل الجامعات الأهلية في الأردن، وبجانب الإرهاق المادي في الجامعات الحكومية وقفا أمام مثل هذه المشروعات الطموحة، أو ببساطة، فإن رؤساء الجامعات لم يعتبروا أن مهمتهم تتعدى مجرد الإشراف على الجامعة لتتوسع وتشمل العمل على تطويرها وتنويع خدماتها ومواردها.
الجامعات الأردنية.. التطوير والعصرنة
أخبار البلد -
الكتاب الذي أصدره رئيس جامعة مؤتة الدكتور ظافر الصرايرة والذي حول مصروفات الضيافة التي تخصه ونوابه إلى حساباتهم الشخصية، وكذلك الأمر، بالنسبة لمصروفات السفر، يعتبر نموذجاً للتصرف الناضج الذي يتناسب مع المرحلة التي يعايشها الأردن وتتطلب بالفعل تقشفاً واسعاً، علماً بأن جميع ما سيتم توفيره من خلال التقشف يمثل جزءاً محدوداً من النفقات، إلا أنه يبقى على جانب كبير من الأهمية الرمزية في المؤسسات الوطنية.