أثبت خبراء صندوق النقد الدولي قدره حسابية فائقة عندما قدموا سيناريو يوضح كيف أن نسبة إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن تنخفض خلال خمس سنوات من 9ر93% في نهاية 2016 إلى 2ر77% في نهاية 2021.
أمكن فعلاً الوصول إلى هذه النتيجة على الورق ، فهل يمكن أن يتحقق ذلك على أرض الواقع ، أم أنه مجرد تمرين رياضي لإثبات أن تحقيق الهدف ليس مستحيلاً إذا تحققت شروط معينة.
ما يهمنا هو هذه الشروط الواجب توفرها ، بحيث لا يزيد حجم الدين خلال خمس سنوات عن 1ر3 مليار دينار ، وأن لا تقل زيادة حجم الناتج المحلي الإجماي بالأسعار الجارية عن 1ر10 مليار دينار خلال هذه الفترة ، أي أن معدل نمـو المديونية يجب أن يتباطأ بحيث لا ترتفع بأكثر من 8ر11% في خمس سنوات ، وأن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي يجب أن يتصاعد بحيث لا تقل نسبة نموه بالأسعار الجارية عن 1ر36% خلال خمس سنوات.
ما يمكن أن نخشاه في هذا المجال أن ترتفع المديونية بأكثر مما هو مقرر ، وأن يقل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية عما هو مقرر. وهنا تكمن الصعوبة ، لأن هذه الأرقام تستوجب ضبط الإنفاق العام وتخفيض عجز الموازنة بشكل كاسح ، وانطلاق النمو الاقتصادي بمعدل يصل إلى 4% بالأسعار الثابتة 7% بالأسعار الجارية.
خبراء الصندوق واعون تماماً إلى صعوبة تحقيق هذه الشروط ، ولذا لم يوزعوا التغييرات المطلوبة بالتساوي على السنوات الخمس ، بل أظهروا تساهلاً في السنوات الأولى من البرنامج ، وتشدداً في السنوات الاخيرة.
بهذه الحالة سيبدو البرنامج سهلاً وناجحاً في المدى القصير ، ولكنه يزداد صعوبة بمرور الزمن.
من الفرضيات التي وضعها الصندوق أن النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي سوف يتصاعد بدءاً من 8ر2% هذه السنة إلى 4% في السنوات الأخيرة ، وهي نسبة معقولة يمكن أن تتحقق فعلاً إذا سارت الامور بالاتجاه الصحيح.
كذلك افترض الصندوق أن معدل التضخم سوف يتصاعد ، ولكنه يظل في مستوى متدن يبدأ من 3ر1% في هذه السنة ، وينتهي 3% في السنة الخامسة والأخيرة. علمأ بأن ارتفاع معدل التضخم يساعد في الوصول إلى النسب المنشودة.
السيناريو الرقمي الذي جاء به الصندوق سوف يخضع للمراجعة والتحديث بشكل دوري على ضوء الواقع.