اخبار البلد : كان عمري أربع حروب، ونكسة، وانتفاضتين، وانقساما وطنيا، ولكنني ولدت قبيل ثورتين، وانتفاضة ثالثة تتمطى في الأفق، خارجة من رحم ربيع عربي عابق بزهر اللوز والنرجس
كان الآباء والجدات يؤرخون مولد الأحفاد والأبناء بالنوازل والأيام العصيبة: كسنة التمر والثلجة الكبرى، والنكبة والنكسة، اليوم زمننا اختلف، واشتغل «العداد» العكسي، بعد أن «سكّر عداد النكسات والوكسات والنكبات» تواريخ العرب الحديثة بدأت بالانتفاضة الأولى، والثانية، ثم بثورة تونس، وثورة مصر، وفي الأثناء تتعثر ثورة ليبيا وثورة اليمن، وسوريا أيضا، ولكنهن سيصلن إلى مبتغاهن، فالشعوب حينما تنزل إلى الشارع لا تعود بأيد فارغة ابدا
ثورات ربيع العرب هضمت تجربة الانتفاضة الأولى، واستفادت من أخطاء الانتفاضة الثانية وعسكرتها، ثم ها هي تعيد إنتاج الانتفاضة الثالثة بعبقرية شعبية، حيث تلون المدى بنور كان الختيار أبو عمار يراه يتلألأ في نهاية النفق
عشت ثلاثة وخمسين يوم نكبة، للمرة الأولى أشعر أن «نكبتنا» هذا العام لها نكهة أخرى، نكهة انتصار مؤجل، وحلم خبأه الحالمون بالعودة ثلاثة وستين خريفا، يوم النكبة هذا العام، هو ميلاد جديد للانتفاضة الثالثة، انتفاضة ولدت في ميادين التحرير العربية، وتردد صداها في يافا والقدس، ولم تكن صدفة أن يكون أول شهدائها الذين شيعتهم المدينة العتيقة يحمل اسم: ميلاد عايش! إنه ميلاد جديد لعيشة جديدة، تتسربل بالإنتصارات الشعبية، واحتفالات تحطيم الأصنام، ورمي الخَوَنة وراء القضبان، ومحاكمة البشعين وسارقي أموال الشعوب
صباح «النكبة» هذا العام صباح مختلف عن كل صباحاتها منذ ثلاثة وستين عاما، صباح يكتب اسم «إسرائيل» في دفتر الوفيات، ويكتب اسم فلسطين كاملة من البحر إلى النهر في دفتر المواليد (في الأهازيج الشعبية الفلسطينية في زفة العريس يقولون: شطبنا اسم العريس من دفتر العزوبية!) لم يعد حلما، تحرير فلسطين، بعد توالد ميادين التحرير العربية، فهذا التحرير الذي سكن القصيدة والنشيد والأغنية والكتب ثلاثا وستين سنة، ها هو يولد من جديد في وجدان ملايين العرب والمسلمين، ليتحول إلى مشروع شعبي، له أجندته اليومية وخطوات التنفيذ، بعيدا عن مقررات المؤتمرات ومخازي القمم العربية، ومعايير المطففين في دفاتر الشرعية الدولية: الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يُخسِرون، فالشعب يصنع اليوم شرعيته الجديدة، وأجندته، وميزان عمله!.
صباح النكبة، التي ولدت نكسة، ها هو يشهد مولد أمة تعيد الاعتبار لكلمة «الثورة» وتعتذر للشهداء الذين حسبنا أن دمهم ذهب هدرا، وإذ به يزهر إرادة شعبية طالما تغنى بها الشعراء والعشاق، وحلم بها المصلحون والمنظرون والكتاب، صباح النكبة هذا العام، هو يوم موتها، فقد حان موعد تكفينها، ودفنها، وسيكون هذا العام آخر أيام ذكراها بعون الله، ولئن حظر الكنيست الصهيوني «الاحتفال» بيوم النكبة على الفلسطينيين بتشريع يهودي، فقد سبقه الشعب العربي بهذا الحظر، لأن «إحياء» يوم النكبة هذا العام هو احتفال بقتلها، و»حظر» الاحتفال بها، لأن صباح النكبة هو آخر صباحاتها، هذا ليس تفاؤلا بالمستقبل، ولا نبوءة كاتب أو شاعر أو كاهن، إنها معادلة رياضية بحت، فالشعب الذي يصنع ثورته وحريته، يستطيع أن يدفن نكبته، ويحولها إلى يوم عودته
hilmias@gmail.com
كان الآباء والجدات يؤرخون مولد الأحفاد والأبناء بالنوازل والأيام العصيبة: كسنة التمر والثلجة الكبرى، والنكبة والنكسة، اليوم زمننا اختلف، واشتغل «العداد» العكسي، بعد أن «سكّر عداد النكسات والوكسات والنكبات» تواريخ العرب الحديثة بدأت بالانتفاضة الأولى، والثانية، ثم بثورة تونس، وثورة مصر، وفي الأثناء تتعثر ثورة ليبيا وثورة اليمن، وسوريا أيضا، ولكنهن سيصلن إلى مبتغاهن، فالشعوب حينما تنزل إلى الشارع لا تعود بأيد فارغة ابدا
ثورات ربيع العرب هضمت تجربة الانتفاضة الأولى، واستفادت من أخطاء الانتفاضة الثانية وعسكرتها، ثم ها هي تعيد إنتاج الانتفاضة الثالثة بعبقرية شعبية، حيث تلون المدى بنور كان الختيار أبو عمار يراه يتلألأ في نهاية النفق
عشت ثلاثة وخمسين يوم نكبة، للمرة الأولى أشعر أن «نكبتنا» هذا العام لها نكهة أخرى، نكهة انتصار مؤجل، وحلم خبأه الحالمون بالعودة ثلاثة وستين خريفا، يوم النكبة هذا العام، هو ميلاد جديد للانتفاضة الثالثة، انتفاضة ولدت في ميادين التحرير العربية، وتردد صداها في يافا والقدس، ولم تكن صدفة أن يكون أول شهدائها الذين شيعتهم المدينة العتيقة يحمل اسم: ميلاد عايش! إنه ميلاد جديد لعيشة جديدة، تتسربل بالإنتصارات الشعبية، واحتفالات تحطيم الأصنام، ورمي الخَوَنة وراء القضبان، ومحاكمة البشعين وسارقي أموال الشعوب
صباح «النكبة» هذا العام صباح مختلف عن كل صباحاتها منذ ثلاثة وستين عاما، صباح يكتب اسم «إسرائيل» في دفتر الوفيات، ويكتب اسم فلسطين كاملة من البحر إلى النهر في دفتر المواليد (في الأهازيج الشعبية الفلسطينية في زفة العريس يقولون: شطبنا اسم العريس من دفتر العزوبية!) لم يعد حلما، تحرير فلسطين، بعد توالد ميادين التحرير العربية، فهذا التحرير الذي سكن القصيدة والنشيد والأغنية والكتب ثلاثا وستين سنة، ها هو يولد من جديد في وجدان ملايين العرب والمسلمين، ليتحول إلى مشروع شعبي، له أجندته اليومية وخطوات التنفيذ، بعيدا عن مقررات المؤتمرات ومخازي القمم العربية، ومعايير المطففين في دفاتر الشرعية الدولية: الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يُخسِرون، فالشعب يصنع اليوم شرعيته الجديدة، وأجندته، وميزان عمله!.
صباح النكبة، التي ولدت نكسة، ها هو يشهد مولد أمة تعيد الاعتبار لكلمة «الثورة» وتعتذر للشهداء الذين حسبنا أن دمهم ذهب هدرا، وإذ به يزهر إرادة شعبية طالما تغنى بها الشعراء والعشاق، وحلم بها المصلحون والمنظرون والكتاب، صباح النكبة هذا العام، هو يوم موتها، فقد حان موعد تكفينها، ودفنها، وسيكون هذا العام آخر أيام ذكراها بعون الله، ولئن حظر الكنيست الصهيوني «الاحتفال» بيوم النكبة على الفلسطينيين بتشريع يهودي، فقد سبقه الشعب العربي بهذا الحظر، لأن «إحياء» يوم النكبة هذا العام هو احتفال بقتلها، و»حظر» الاحتفال بها، لأن صباح النكبة هو آخر صباحاتها، هذا ليس تفاؤلا بالمستقبل، ولا نبوءة كاتب أو شاعر أو كاهن، إنها معادلة رياضية بحت، فالشعب الذي يصنع ثورته وحريته، يستطيع أن يدفن نكبته، ويحولها إلى يوم عودته
hilmias@gmail.com