الدعاء هو مخ العباده, وهو من أجّل النعم التي أنعم الله بها على عباده, فبه يقضي الله لنا حوائجنا ويحقق لنا مانريد .. فما من أحد من العباد إلا هو دائماً أبداً محتاج إلى معين يعينه, يكون أقوى منه, ليشد أزره ويقوي عزمه, ويسانده فى معترك الحياة, وحتماً هذا المعيين ليس موجوداً في البشر, لأن كل البشر طاقاتهم وقدراتهم محدودة, وما لنا غير الله عز وجل ليعيننا على ذلك, فهو قريب من عباده مجيب لدعائهم يقبل توبة التائبين ويعفو عن السيئات, يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار, ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل, فباب الدعاء مفتوح لهم على مصراعيه لا يغلقه وقت قيلولة ولا سنة ولا نوم, ولا يسده كثرة السؤال بازدياد أفواج الدعاة, فهم يتوجهون لله الحي القيوم الذي لا تأخذه سِنة ولا نوم ..
ولقد فتح الله تعالى لهذه الأمة من باب الدعاء ما لم يفتح لأحد من الأمم السابقة, وأعطاهم ما لم يعط إلا للأنبياء, كما ثبت عنه e أنه قال : أعطيت أمتي ما لم يعطَ إلا الأنبياء. بعض الأحاديث الواردة في فضل الدعاء : • عن سلمان رضي الله عنه قال قال رسول الله e : لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر. • وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله e قال : ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. فقال رجل من القوم : إذاً نكثر. قال : الله أكثر. • وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله e : ليس شيء أكرم على الله من الدعاء. • وعنه قال : قال رسول الله e : من لم يسأل الله يغضب عليه. • وعن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله e : إن ربكم حَييٌّ كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إلى السماء أن يردهما صفرا. (سلاح المؤمن في الدعاء:ج1/ص36,37,38). فضل دعاء عصاة الموحدين في الآخرة : • عن أنس بن مالك عن النبي e : أن عبداً لينادي في النار ألف سنة "يا حنان يا منان". قال : فيقول الله لجبريل عليه السلام : إذهب فائتني بعبدي هذا. فينطلق جبريل, فيجد أهل النار منكبين يبكون. فيرجع إلى ربه عز وجل فيخبره. فيقول : ائتني به فإنه في مكان كذا وكذا. فيجيء به فيوقفه على ربه عز وجل. فيقول : يا عبدي كيف وجدت مكانك ومقيلك؟ فيقول : يا رب. شر مكان وشر مقيل. فيقول : ردوا عبدي. فيقول : يا رب ما كنت أرجو إذا أخرجتني منها أن تعيدني فيها ! فيقول : دعوا عبدي. رواه أحمد وأبو يعلى. • وعن أبي سعيد وأبي هريرة قالا قال رسول الله e آخر من يخرج من النار رجلان يقول الله لأحدهما يا ابن آدم ما أعددت لهذا اليوم هل عملت خيرا قط أو رجوتني, فيقول لا يا رب فيؤمر به إلى النار وهو أشد أهل النار حسرة, ويقول للآخر هل عملت خيرا قط أو رجوتني فيقول نعم يا رب كنت أرجو إن أخرجتني أن لا تعيدني فيها وهو آخر من يدخل الجنة. رواه أحمد والبزار. • عن عبادة بن الصامت أن رسول الله e قال إذا كان يوم القيامة وفرغ الله تعالى من قضاء الخلق فيبقى رجلان فيؤمر بهما إلى النار فيلتفت أحدهما فيقول الجبار ردوه فيردونه فيقول لم التفت قال كنت أرجو أن تدخلني الجنة قال فيؤمر به إلى الجنة فيقول لقد أعطاني الله عز وجل حتى إني لو أطعمت أهل الجنة ما نقص ذلك مما عندي شيئا قال فكان رسول الله e إذا ذكره يرى السرور في وجهه. رواه أحمد. (مجمع الزوائد:ج10/ص384).