أغلب الظن أن رئيس الوزراء سـيصاب اليوم بخيبـة أمل كبيرة عندما يتسلم التقرير المطول للجنة الحوار الاقتصادي. وقد لا يجد الوقت الكافي لقراءاته كله فيحوله إلى لجنة أخرى لاسـتخراج ما قد يرد فيه من إجـراءات عملية مقترحـة ، بعد شطب كل ما ورد تحت باب تأكيـد وتشجيع وتحسـين وتفعيل وإعادة النظر إلى آخره.
ونقف اليوم أمام المحور الأول الخاص بالسياسة الماليـة فلا نكاد نصدق أن تقرير اللجنـة الفرعية لم يشر إلى أهـم التحديات التي تواجه القطاع المالي وهي عجز الموازنة وارتفاع المديونية ، وهي القضايا الجوهرية لهذا المحور التي جاء الحوار ليدل الحكومة على ما يجب عمله لتخفيض العجـز وضبط المديونية.
على العكس من ذلك فإن اللجنة ، إدراكاً منها للوضع الحرج للموازنة ، والبعدين الاقتصادي والاجتماعي ، توصي باستمرار الدعـم للمواد المدعومـة وتثبيت أسعار المحروقات. وهنا نلاحظ أن التوسع في عمليات الدعم الاستهلاكي وتثبيت أسعار المحروقات أمور جيـدة ومطلوبة اجتماعياً ويتمناهـا الجميع ، ولكن من شـأنها زيادة حرج الموازنة ، فهل قصدت اللجنة تشـجيع الحكومة على الاقتراض لتمويل هذه النفقـات. ألا يتناقض تثبيت أسعار المحروقات مع الدعوة لتحديد أسـعارها شهرياً.
وتطالب اللجنة بتقديـم حوافز إضافيـة لدمج واسـتحواذ الشركات في القطاع الخاص ، وهي تقصد إعفاءات ضريبة الدخـل. وتتبرع باقتطاع جـزء من أرباح البنوك وشركات التعدين والاتصالات من باب المسـؤولية الاجتماعية ، مع أن هـذه المسؤولية يجب أن تبقى اختيارية ، فهذه الشركات ملزمة بضريبة الدخـل.
فيما عدا ذلك فإن النص العام جاء حسـب التوقعات من قبيـل العبارات الإنشـائية التي تدعو لما هو واضح وتقول به الحكومة مثل: تأكيد رفع كفاءة التحصيل الضريبي ، وتأكيد التوازن بين العجز المالي وتحقيـق النمو ، وتحفيز الاسـتثمار الأجنبي ، وهي نصائح معروفة ، لا جديد فيها ، ولم تغب عن بال الحكومة حتى تحتاج للتذكير بها ويبقى السـؤال: كيف؟.
ومع أن اللجنة تضـم خبراء اقتصادييـن فقد أوصت بإنشـاء بنوك أوف شـور في العقبة ، مع أن كل البنـوك الأردنية تمارس عمليات الأوف شـور في العقبة وجميع أنحـاء المملكة ، ولو كان هذا الموضوع وارداً ، لكان قد عولج من قبل لجنـة محور السياسات النقديـة والمصرفية.