ربما في السؤال ما يستحق أن نسأل الكثير ....وأن نستمر بطرح تساؤلاتنا حتي ولو افتقدنا ...وغابت عنا الاجابات الشافية ...وحتي ولو حاول البعض ايهامنا بأنه يعمل ....وأنه يبذل الجهود ...وأنه يواصل الليل بالنهار ....وهو يفكر بحالنا السيء والأسوأ منذ النكبة التي ألمت بنا ...وما تبعها من نكبات واحباطات لا زالت بداخلنا ...وتدور من حولنا ....وتعشعش بنفوسنا ...وتتداخل بتفاصيل حياتنا .
هذا السؤال لكافة فصائلنا وقادتنا والنخب السياسية ....الثقافية ...الاجتماعية ....المهنية ....لكل من يمتلك قرارا نافذا ...ولكل من يستطيع أن يقدم لوطنه الذي لا زال يستصرخ مستغيثا كافة أطيافه وفئاته وشرائحه ....يستصرخ كافة عناوينه أن يقف الجميع أمام مسئولياتهم ....وأن لا نستمر بحالة الجدل العقيم ....وبحالة التباين المميت الذي اوصلنا الي حد الانقسام ....وحتي اسالة الدماء ....واحداث شرخ اجتماعي سياسي ...ووطني ...لازال البعض لا يقدر خطورته وابعاده .
قضايا الوطن ومشاكله وأزماته ....لا تعد ولا تحصي فاذا كانت البداية حرية الارض والانسان ....وما يواجهنا من ظروف اقتصادية ....اجتماعية ...ثقافية ....نعيش بتفاصيلها وبظروفها القهرية المأساوية ....والتي لم نستمع ولم نشاهد بتاريخ حياتنا مثل هذا الكم من السلبيات والسلوكيات التي يصعب علينا أن نحصيها ....وان نعددها وأن نحدد اسبابها ونتائجها المخيفة ....كما لا نستطيع أن نتركها للقراء الأعزاء لإحصائها وتعدادها ....حتي لا يصابوا بصدمة الواقع ...واحباطاته وأزماته ....كما لا نريد لفصائلنا وقياداتنا أن تحصي هذا الكم الكبير من السلبيات والازمات التي تتداخل بكافة تفاصيل حياتنا حتي لا يحبطون .
نحن لا نريد الحديث بصورة محددة ....عن أزمة أو أزمات ....أو خيبة أمل هنا أو هناك ...لكننا نتحدث عن عناوين أسبابها معروفة ....ونتائجها مخيفة .....واستخلاصاتها مفقودة ....كما حالة الفلتان الامني والاخلاقي ....وحالات الانتحار والهروب من الحياة الدنيا مخالفة لتعاليم ديننا ....وتحريما لفعل مدان ...ومرفوض ...لا نريد الحديث عن حالة القتل والسرقات والأزمات الأخلاقية ....وما يجري من حالات ادمان .....كما لا نريد الحديث عن الالاف من العاطلين عن العمل والمرضي والفقراء والجائعين ...كما لا نريد الحديث فقط عن الذين لا زالوا بالعراء ....والذين لا يجدون قوت يومهم ....ولا حتي غطاء نوم أطفالهم ... مجتمع في هذا العصر ...يعيش ساعات معدودة مع الكهرباء ...ومعظم الساعات مع ظلمة حالكة ...واجواء حارة حارقة ....مجتمع في هذا الزمن يشرب من ماء البحر ...ولا يستطيع استيعاب وتذوق هذه المياه .
مجتمع يصعب الحديث عن مشاكله المستعصية .....وأزماته الخانقة ....لكنه يبقي مجتمعنا الذي نعيش فيه ....ويبقي من نتحدث عنهم هم أهلنا وأقاربنا ...جيراننا واصدقائنا ....هم أصحاب هذا الوطن ...ونحن المطالبين بتحسس مشاكلهم ...وايجاد الحلول لأزماتهم ....والشعور بآلامهم... وتعزيز أمالهم ....بكل ما يستطيع من كلمة طيبة ....وحتي فعل ملموس بتكافلنا وتضامننا ....وتعاوننا الدائم للتخفيف عن ألام كل منا باعتبار هذا واجب وطني ...أخلاقي ....انساني.... وديني .
لم يعد هناك خافيا على أحد سوء أحوالنا ....ومصاعب أوضاعنا ....وتعدد أزماتنا ....كما لا يستطيع احد أن يتنكر لمساحة المكابرة غير المسبوقة التي لا زالت تسود ....والتي لا تقدم حلولا ....بل تزيد الأوضاع صعوبة ...ولا تساعد عاطل عن العمل ....ولا تشفي مريض ....ولا تساعد فقير ....ولا ترفع حصار ...ولا توفر حرية حركة ...مكابرة لا تخفف الالام ....ولا تزيل الجوع ..ولا تشفي المريض ....مكابرة محكومة بثقافة التعالي ...ومحاولة التجميل لأوضاع مشاهدة وملموسة بكافة تفاصيلها واحصائياتها ....لدي المنظمات الدولية والمحلية ....ولكافة وسائل الاعلام ...وأصحاب الرأي ...والأهم منهم جميعا المواطن العادي الذي يكتوي بأزماته ومصاعب حياته .
لقد فرضت علينا ظروف قهرية لأسباب نعلمها ....بحكم عدو مجرم ...واحتلال جاثم على صدورنا ....واستيطان لا زال يتوسع ....وممارسات احتلالية تزيد من حصارنا وهمومنا .....ومصاعب حياتنا ...هذا الاحتلال الذي يمارس الارهاب المنظم ...ارهاب الدولة الاحتلالية الاستيطانية .....يجب مواجهتها بحالة فلسطينية أكثر قوة وقدرة ....وأكثر وعيا ومعرفة ....حالة فلسطينية تمتلك ارادة واحدة ....كما وتمتلك مشروعا واحدا ....حالة فلسطينية تعزز من الذات الوطنية ...وتزيل كافة هوامش الانانية والاطماع الشخصية ....وحتي الأهواء والمصالح الذاتية .
حالة فلسطينية يجب ان تواجه كل ثقافة دخيلة ...وسلوكيات شاذة ....حالة فلسطينية وحدوية ...لا انقسام فيها ...ولا مزايدات ومناكفات تحكم علاقاتها .
نحن نعي أن لسنا بمجتمع مثالي أفلاطوني ....لكننا نعي أيضا أن ظروفنا التي نعيش فيها تفرض علينا الكثير مما لا زلنا لا نقوم به ....كما تفرض علينا اجتثاث الكثير مما لا زال بداخلنا .
فالمعطيات والتفاصيل في ثنايا حياتنا السياسية ....الاجتماعية ....الاقتصادية ....الثقافية ...والاعلامية ....تدلل على خطورة ما نحن ذاهبون اليه .....ولا تبشر بأننا نسلك الطريق الصائب .....بل كل المؤشرات تؤكد خطورة أوضاعنا ....وما يحيط قضيتنا .....وهذا ما يدعونا الي صحوة وطنية ...والي تغليب مصالحنا العليا .....وأن ننهي هذه الذاتية المقيتة ....والمصالح الضيقة ....والاجندات الخاصة ....وان نعود لأحضان الوطن.... عودة من استفادوا من تجربتهم ...واستخلصوا العبر .
الكاتب : وفيق زنداح