أخبار البلد - برغم حالة الياس والاحباط التي تسود الشارع الفلسطيني من امكانية تحقيق مصالحة حقيقية بين الطرفين المنقسمين ,بعد ان طال امد الانقسام وما ترتب عليه من وقائع ومتغيرات ونتائج ,افرزت شروطا اضافية يجب القبول بها حتي تتحقق هذه المصالحة ,وكان المصالحة لصالح طرف دون الاخر ,وكان طول السنوات كان مبررا لهذه الاطالة ,وكان انتقاد طول امد المفاوضات مع عدونا المحتل دون نتائج لها ما يبررها ....في ظل خلاف داخلي تم صناعته ليستمر منذ عشر سنوات في ظل عشرات الحوارات واللقاءات ....دون ادني تقدم ,وبالتالي وكاننا وضعنا انفسنا امام مصطلح عبثية الحوارات والمفاوضات كما عبثية المفاوضات مع المحتل الاسرائيلي ,وبالتالي ليس هناك ما يبرر علي الاقل شكليا او اعلاميا ان يتحدث احد عن طول امد المفاوضات دون نتائج في ظل طول امد الحوارات دون ادني نتائج مع الفروق الشاسعة ما بين الحالتين حالة عدو مجرم ومحتل ...والحالة الثانية مع ابن الوطن والشقيق وابن العم والجار وابن الحركة الوطنية الفلسطينية المقاومة والمناضلة والمجاهدة ...من اجل تحقيق الحرية والاستقلال وازالة الاحتلال واقامة دولة الحلم الفلسطيني بعاصمتها القدس الشرقية .
طالما اننا بحالة عبث ...واطالة مصطنعة وغير مبررة ,وعدم جدية واضحة في اتمام المصالحة ,وطالما ان الشارع الفلسطيني قد فقد الآمال من امكانية اتمامها ,يبقي السؤال في اطار عشرات التساؤلات ....لماذا الدعوات وجلسات الحوار ؟!ولماذا الذهاب الي العواصم؟!ولماذا نرهق الاشقاء بأحوالنا ونحن نفتقد للإرادة والرغبة في اتمام المصالحة ؟
اسئلة كثيرة يطرحها الشارع الفلسطيني ...من خلال حوارات الناس مع بعضها البعض ,والذي يؤكد ان الانقسام اضحي حالة يائسة وميؤوس منها ,ولا فائدة من الحديث حولها ,وان اطرافه لا يبدو عليهم الرغبة ,ولا يحبون الخوض في اتمامها ,ولا يريدون الوصول الي عمق النتائج وجذورها ,وان الطرفين قد اضحوا من وجهة نظر الشارع علي ذات المستوي من العناد والرفض دون الدخول بتفاصيل المواقف بدايتها من اخرها... لان الشارع الفلسطيني لا يعنيه كثيرا مدي صحة هذا الموقف او ذاك ,بقدر ما يعنيه انهاء الانقسام واتمام المصالحة ,حتي تتغير الاحوال ويصبح العاطل عن العمل قادرا علي العمل كما المريض قادرا علي العلاج ....كما الراغب في السفر قادرا علي السفر ,اشياء كثيرة نحرم منها في ظل خدمات متدنية ....وظروف غير انسانية تعيشها الاف الاسر ....ولا زالت الاطراف علي مواقفها دون احساس بالمسؤولية ,ودون ادني شعور ان الارض تنهب ,والاستيطان يزداد ....والاحتلال يواصل ممارساته التعسفية والاجرامية ,ونحن لا زلنا نردد اسطوانة الانقسام ,ونطلق التصريحات ,ونخون بعضنا ونتهم بعضنا ونسئ لصورتنا امام اجيالنا التي فقدت ايمانها بقادتها وفصائلها .
ولإسقاط حالة الياس والامل وتحقيق المصالحة ,ولتجديد الآمال وعدم السماح بإدخال الاحباط في نفوسنا ,يجب ان نجدد فكرنا السياسي الاعلامي الثقافي والمجتمعي بما يمكن ان يقربنا من اتمام المصالحة وليس استمرار البعد عن احتمال تنفيذها .
وحتي نكون امام المطلوب ...لإتمام المصالحة يجب ان نتعرف علي المطلوب بكل شفافية ومصداقية وبكل وطنية خالصة ولكل مصلحة عليا لا بد وان تتحكم بكافة مواقفنا ,لأجل اتمام المصالحة وانهاء ملفاتها الصحيحة والمصنعة والمفتعلة بفعل طول الزمن وما يحاول البعض فرضه من شروط تعجيزية ,حتي يكون هناك سببا ومبررا لهذه الاطالة غير المبررة وما يصاحبها من اتهامات يطول الشرح والتفصيل فيها .
من هنا يجب تحديد المطلوب لإتمام المصالحة وفق النقاط التالية:
أولا:اعتماد مبدا المشاركة والشراكة بالمؤسسات الشرعية منظمة التحرير والسلطة الوطنية وما بداخلهم من مؤسسات والالتزام بكافة المبادئ والقوانين والاهداف.
ثانيا:البرنامج النضالي والسياسي الفلسطيني ليس وليد اللحظة ولكنه يستند لمسيرة نضال طويل ولقرارات المجالس الوطنية ولإعلان وثيقة الاستقلال ...وبالتالي لا تعديل ولا تغيير في البرنامج والياته ووسائله واهدافه والذي تم البناء عليها بإقامة العلاقات واعلان الاعترافات والمشاركة بالمؤسسات الدولية.
ثالثا:لا يجب ان يترتب علي الانقسام أي مكاسب او نتائج يمكن ان ترسخ متل هذه الثقافة المضرة لوحدة شعبنا ونضاله ..وبالتالي يجب ان تعود الامور الي نصابها لكافة مناطق السلطة الوطنية وفق ما كان قائم ومتبع .
رابعا:اعتماد مبدا تداول السلطة وفق الأنظمة والقوانين ونتائج الانتخابات الديمقراطية التي يجب ان تجري كل فترة زمنية حسب النظام والقانون ...ودون ادني اعاقة او تعطيل او خلق للمبررات والذرائع .
خامسا :يجب ان نفرق ما بين الاهداف والوسائل فالأهداف تجمعنا وتوحدنا والوسائل نجتهد حولها ولا تفرقنا وان مفهوم المقاومة لا تسقط خياراتنا الأخرى بمعني ان لا اسقاط لأي خيار او وسيلة نضالية في مرحلة التحرر الوطني كما رفض فرض اجندة خاصة علي مجمل الحالة الفلسطينية
ورفض أي تدخلات خارجية في صناعة القرار الوطني المستقل .
ثامنا:الالتزام الفلسطيني والمحدد بعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول كما الالتزام بكافة القوانين المنظمة للعلاقات ما بين الدول والشعوب واحترام خصوصيات الدول ومصالحها كما احترام خصوصيتنا ومصالحنا الوطنية.
تاسعا:لا مشاريع منفردة ...ولا حلول منفردة ولا برامج منفردة ..كل ما يتم ويعلن وفق قرارات فلسطينية صادرة عن المؤسسات والشرعية المعترف بها .
عاشرا:تعزيز ثقافة الحوار ...كما ثقافة الوحدة كما ثقافة الانتماء .....كما استنهاض حالة الوعي المجتمعي من خلال وسائل الاعلام الهادفة التي تعمل علي بناء الفكر الوطني الديمقراطي بوسائل حضارية ومفردات نقدية ذات معني وهد ف ورفض ما يجري من تصريحات ومفردات لا تستند الي ثقافة وحدوية بقدر ما تعبر عن حالة انعزالية ورؤية فصائلية لا تخدم مصالحنا الوطنية العليا .
الحادي عشر: حق كل مواطن في التعبير عن رايه من خلال اطلاق الحريات الخاصة والعامة وتعزيز الممارسة الديمقراطية بكافة اشكالها ووسائلها ....كما حق كل مواطن بالوظيفةا لعامة مهما كان انتمائه السياسي طالما توفرت فيه الشروط المطلوبة وبالتالي ليس هناك عزل لاحد علي قاعدة ان الوطن للجميع.
الثاني عشر: اعتماد القوانين والاحكام المنظمة للعلاقات الداخلية واحترام الاحكام والقرارات واحترام النظام السياسي وقراراته كما احترام الشرعيات والمؤسسات وعدم القفز عن قراراتها او التناقض معها علي قاعدة ان كافة مؤسساتنا القانونية والدستورية والتشريعية والمؤسساتية يشارك بها الجميع دون استثناء .
المطلوب ..لإتمام المصالحة ليس خيالا او حلما يصعب تنفيذه... كما انه ليس مستحيلا ويصعب فهمه وتنفيذه ...بل المطلوب بمتناول الجميع منا ووفق امكانياتنا وقدراتنا الذاتية ...اذا ما امتلكنا القرار والارادة ....فهل نحن حقا نمتلك القرار؟ام ان هناك قيودا وشروطا وكما يقال( فيتو )علي اتمام المصالحة من دول اقليمية او جهات دولية ؟
الانقسام المستمر منذ عشر سنوات يؤكد ان هناك حالة شلل مصنع لفكرنا السياسي والتنظيمي ...وان هناك حالة جمود ورضا تام وصمت مطبق علي هذا الانقسام وما ترتب عليه من نتائج وخسائر مباشرة وغير مباشرة يصعب تحديدها في لحظات كما يطول الشرح في تفاصيلها ...وهذا ما يزيد من حيرتنا وانزعاجنا واسفنا الشديد وكأن قوي خفية تدفع بنا للهاوية مع ان المدخل الصحيح واضحا ومعروفا .
المدخل الصحيح يعرفه الجميع اما ان يبقي الحال علي ما هو عليه من دعوات مستمرة ولقاءات متجددة وتصريحات منفرة ...فهذا ما اصبح يشكل نكتة فلسطينية حزينة...ومسرحية هزلية مللنا مشاهدتها .