ما زالت ستارة مسرحية الكاتب السوري سعدالله ونوس "حفلة سمر من أجل 5 حزيران" مفتوحة على جراحنا، لا بل فالمسرحية
من دون ستارة، لانها جزء من الفضيحة التي اكتشفناها بعد ساعات، ولا تزال مستمرة، فضاعت
الضفة الفلسطينية وتضيع الآن القدس.
5 حزيران، بعرفنا العربي يوم النكسة، ومع الذكرى التاسعة والأربعين
للنكسة لا نفكر عربياً وفلسطينياً لهذا اليوم الا بتسيير المسيرات والاحتجاجات
والبيانات ، للتذكير بهذا اليوم المشؤوم، لكنإسرائيل تفعل أشياء أخرى، تفرض فيها
حقدها وعنصريتها على أرض الواقع، وبالنسبة لها فالقدس ملعب التهويد الأول.
لم تتوقف الحرب الإسرائيلية المستعرة على كل متر في القدس العربية
المحتلة منذ عام 1967، بل تزداد ضراوة
وتتخذ أشكالاً مختلفة، وعلى مدار السنوات الماضية جربت إسرائيل كل الطرق الممكنة لتغيير
هوية المدينة عبر تهويد كل ما هو عربي فيها.
جربت طرد الفلسطينيين، وهدمت منازل آخرين، وسحبت هويات الكثيرين،
في وقت عززت فيه من الوجود اليهودي في المدينة المقدسة ضمن خطة تهدف إلى خلق
أغلبية يهودية حتى عام 2020، وهو ما يعرف
بخطة عشرين عشرين.
أشكال التهويد قائمة وتفرض يوميا فبعد اسوأ قانون "عبرنة" أسماء الأحياء العربية في القدس
المحتلة، أي تحويلها من عربية إلى يهودية، ومنع استعمال الأسماء العربية، إضافة
إلى منع استخدامها في الوثائق ووسائل الإعلام الرسمية، اكملت اسرائيل مشروعها في
القطار السريع حول القدس.
بمشروع "العبرنة" تحول اسم أبوديس إلى "كدمات صهيون"، وحي الطور أصبح "تل حنانيا"، ورأس العامود "معليه زيتيم".
لقد غطى الدم السوري على شاشات الفضائيات، وما يحدث في اليمن
والعراق.... على ما تتعرض له
قبلة المسلمين الأولى، مدينة القدس التي لم يتبق من أراضيها سوى 14% يستغلها المقدسيون للبناء،
فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة صادرت أكثر من 34% من أراضيها لصالح المستوطنات، وصنفت52% مناطق خضراء،
ومنذ بدء احتلال القدس عام 1967صادرت إسرائيل هويات عشرات الالاف من الفلسطينيين، وألغت الاف حقوق
الإقامة في القدس.
وهناك ما يزيد على عشرة آلاف طفل فلسطيني في القدس الشرقية غير
مسجلين في هويات والديهم، كما أن نسبة هؤلاء الأطفال الذين لا يقدرون على التسجيل
في المدارس العامة أو ممن يحصلون على الرعاية الطبية بسبب عدم تسجيلهم تقدر بنحو 23,6%.
وتصادر إسرائيل الاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية المحيطة
بالقدس، تحت مظلة بناء الشوارع "الأمنية" الاستيطانية.
في الممارسة التهويدية لم يبق هناك قدس، والذي يعزز ذلك الصمت
العربي والإسلامي المطبق على ما يجري في القدس التي طال التهويد أبنيتها وشوارعها
وأسماءها وآثارها.