منذ عدة اشهر ، تدور معارك في الخفاء والعلن ، بين الاتحاد العام لعمال الاردن ، ونقابة المناجم والتعدين ، تم الحشد لها بالاستعانة بقوى نقابية وحزبية وبرلمانية ، وقوى من خارج تلك الأطر ، عنوانها الظاهري هو رحيل قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال ، وكأني بها قد استعارت هذا الهدف ، من شعارات الحركات الاحتجاجية التي عمت عددا من الاقطار العربية ، منذ بداية العام الحالي .
هذا العنوان الظاهري ، هو عنوان غير حقيقي ، يراد به اصباغ صفة النضال النقابي العمالي على تلك التحركات ، لخداع قوى ترفع شعارات النضال المساندة لحقوق العمال ، كي تنضم لهم ، وتشارك في هذه المعركة ، التي هي في الحقيقة ، معركة شخصية بين قيادة نقابة المناجم والتعدين ، وقيادة الاتحاد العام لعمال الاردن ، تهدف في النهاية الى ازاحة الرئيس الحالي للاتحاد العام للعمال ، واحلال من يقود هذه الحركة المضادة محله في رئاسة الاتحاد ، بعد ان اصبح رئيس الاتحاد العام للعمال ، عقبة كأداء في وجه قيادة نقابة المناجم والتعدين و"طموحاتها" ، ويشكل خطرا "ديمقراطيا" عليها .
هذه الحركات المضادة للاتحاد العام لعمال الاردن ، تجاهلت الاسباب الحقيقية لما تقوم به ، واقتصرت على شعار" تغيير قيادة الاتحاد العام "، كون هذا الشعار منسجما مع طبيعة المرحلة في المنطقة العربية ، كما استخدموا مبررا ينسجم مع طبيعة المرحلة التي يعيشها الاردن حاليا ، وهي مرحلة الحرب على الفساد ، فكان لا بد من حشر الفساد ، كمبرر لهذا الشعار ، اضافة الى مبرر اخر ، منسجم ايضا مع المرحلة ، وهو طول فترة بقاء رئيس الاتحاد في موقعه .
نود ان نسأل نقابة المناجم والتعدين ، والمتحالفين معها ، هل جاء مازن المعايطة ، الى رئاسة الاتحاد العام لعمال الاردن على "ظهر دبابة" ؟ هل عطل مازن المعايطة " الدستور" النقابي ، والمسيرة الديمقراطية في النقابات العمالية ، ومنها الانتخابات في كل مراحلها ، وفرض "الاحكام العرفية" على العمال ، ونصَب نفسه "حاكما عسكريا" عليهم ، كي يبقى في موقعه طوال تلك الفترة ، التي تقولون انها طويلة ؟ ام انه جاء الى الرئاسة بالوسائل الديمقراطية ، التي وصلتم انتم الى مواقعكم الحالية من خلالها ؟ ولماذا اكتشفتكم الان ، وفي هذه الفترة بالذات ، ان رئيس الاتحاد العام للعمال ، قد طال به المقام في رئاسة الاتحاد ؟ ولماذا اكتشفتم الان فقط ، ان هناك شبهات فساد في الاتحاد ؟ ولماذا تنصبون انفسكم خصما وحكما في هذه القضايا ؟ لماذا لا تلجأون الى الوسائل الديمقراطية ، التي هي من مقومات ومبررات وجود النقابات ، لتغيير قيادة الاتحاد ؟ لماذا لم تلجأوا الى هيئة مكافحة الفساد فقط ، لتقرير وجود الفساد من عدمه ، وتقفون صامتين ، احتراما لدور هذه الهيئة ، تنتظرون نتائج تحقيقاتها واجراءاتها ؟ وهل تقبلون يا قيادة نقابة المناجم والتعدين ، ان يقوم الاف العمال الذين ينتمون لنقابتكم ، بحشد مماثل ، ووسائل مماثلة ، لخلعكم من مواقعكم ؟ ام تصرون على ان يتم ذلك بالوسائل الديمقراطية ؟
للاجابة على التساؤلات السابقة ، لا بد ان اعود الى عنوان المقال ، وهو "البوتاس في قلب معركة النقابات العمالية" ، وهو لا يشكل تقليلا من دور اخوتنا وزملائنا في مواقع شركة الفوسفات ، الذين يشكلون ثلاثة ارباع عدد المنتمين لنقابة المناجم والتعدين ، فهم اساتذتنا في النضال النقابي ، اصحاب التاريخ الطويل في هذا المجال ، لكن هذا العنوان جاء فقط ، جلاءا للحقيقة .
لقد سعى عدد كبير من اعضاء نقابة المناجم والتعدين ، الى الانفصال عنها ، وتشكيل نقابة خاصة بعمال البوتاس ، والتجمعات الصناعية الاخرى في منطقة البحر الميت ، وتجري هذه المساعي بتأييد من الاتحاد العام لعمال الاردن ، فهو امر مشروع وقانوني ، جاء بمبادرة من عدد كبير من عمال البوتاس ، الذي لمسوا تجاهل نقابة المناجم والتعدين لحقوقهم ، وسعيها لمصالح خاصة مع ادارة شركة البوتاس ، لاقت الصد من ادارة الموارد البشرية الجديدة ، فكان ان تم ايضا وضع نائب المدير العام للموارد البشرية في شركة البوتاس ، في مرمى القصف العشوائي لنقابة المناجم والتعدين ، فتم توقيع بيان من اربع عشرة نائبا ، احدهم رئيس النقابة ، تطالب باقالة نائب المدير العام للموارد البشرية في شركة البوتاس ، السيد رائد داؤد ، متهمة اياه بشتى انواع التهم السهلة السائدة في مجتمعنا ، فجاء رد الاخير ، بتقديم استقالته طوعا ، بعد ان وجد نفسه هدفا لمعركة لم يسعى لها ، محاطا بتحالفات لن تجعل عمله مريحا ، وهو الذي ورث وضعا معقدا ، يحتاج الى تعاون جميع المعنيين لحله ، فكانت الاستقالة اهون الأمرَين .
ان السعي الى فصل عمال البوتاس عن نقابة المناجم والتعدين ، يعد ضربة قاصمة لهذه النقابة ، ولقيادتها التي تسعى الى طموحات اكبر ، وحيث تعتبر البوتاس ، ولاسباب لا نعلمها بالضبط ، بمثابة القلب لقيادة النقابة ، واذا اضفنا الى ذلك ، القضية العمالية التي رفعت ضد قيادة نقابة المناجم والتعدين ، لدى محكمة العدل العليا ، ودور الاتحاد العام للعمال كشاهد ضد النقابة ، كل هذه المبررات ، ساهمت في تسريع الهجوم على قيادة الاتحاد العام لعمال الاردن ، ومحاولة القفز فوق كل الاطر النقابية والقانونية ، للتعجيل والتصعيد ، في معركة الاطاحة بقيادة الاتحاد العام للعمال ، باعتبارها قضية وجود ومصير ، خاصة ان الاتحاد العام للعمال ، هو من يقرر فصل عمال البوتاس عن نقابة المناجم والتعدين .
انها معركة غير مبررة وغيرعادلة ، تجاوزت كل الاطر الديمقراطية التي تحكم عمل النقابات ، وامتدت ذيولها الى المواقع الاخبارية ، التي انحاز بعضها مع الاسف الى نقابة المناجم والتعدين ، انها معركة شخصية ، نأسف لدور كل من ساهم فيها كمساند للنقابة ضد الاتحاد العام ، وهي في النهاية ، ضد مصلحة الطبقة العاملة ، وعمال البوتاس على وجه التحديد .
مالك نصراوين
08/05/2011