أخبار البلد - ينطبق في الأردن المثل الشعبي " أسمع جعجعة ولا أرى طحينا " على واقع التعليم في الأردن والحالة التي تشوب دعوات المؤسسات الرسمية التي تطرح العديد من المبادرات والخطط التي تحمل عناوين النهوض بواقع التعليم في الأردن رغم أنها ليس لها علاقة بالتعليم أصلا .
فمنذ سنوات اعتادت آذاننا على الاستماع لخطط تعليمية ودعوات ومبادرات للارتقاء بالتعليم ومستوى التحصيل العلمي لدى الطلبة ، الا أن واقع التعليم ومستوى التحصيل المعرفي والعلمي لدى الطلبة يراوح كما هو ولم يطرأ تحسن ملحوظ على مستوى الوعي العلمي والثقافي لدى الخريجين .
ويعود السبب في ذلك الى أننا في حقيقة الأمر لا نرى أي مبادرات وخطط جادة وعملية تركز على تحسين العملية التعليمية ورفع سوية أداء المعلم داخل الغرفة الصفية ، وهو الأمر الذي يتعين التركيز عليه ، بل على العكس تماما نجد ان تلك المبادرات التي يطرحها المعنيون تركز على أهمية تفاعل المعلم مع المجتمع المحلي وأهمية تنظيمه للقاءات والندوات والمحاضرات واشراك الطلبة في النشاطات اللامنهجية وما شابه ذلك .
يبدو ان الثقافة المجتمعية السائدة والسياسة الاقتصادية الاستهلاكية التي تأخذ المجتمع الى أقصى حالات الرأسمالية المتغولة على الوعي تطبع أي محاولات وخطط للنهوض والتطور في أي مجال ، والا ما معنى أن يتم تغييب معايير أداء المعلم وتفاعله مع الطلبة وقياس مستوى التحصيل العلمي لديهم لصالح نشاطاته وتفاعله مع المجتمع المحلي ومبادارته التي لا تقدم ولا تؤخر .
لقد أضحى دور المعلم ، بحسب مؤسساتنا ، ينحصر في تنظيم الفعاليات والنشاطات اللامنهجية والاحتفالات ، واعتبار مقدار تفوقه في هذا المجال معيارا لنجاحه في التعليم على حساب قياس مستوى العطاء الحقيقي وتعليمه للطلبة ،رغم أن ذلك لا يعطي للمجتمع تعليما ناجحا ولا خريجين متفوقين أومتمكنين !!؟؟.
مع تلك السياسات والرؤى التي تصبغ نظرة المؤسسات الرسمية للمعلم أصبح دور المعلم الحقيقي مغيبا ، فليس من الضروري كي تكون معلما ناجحا ، بحسب ما يتم تداوله على المستوى الرسمي والاعلامي ، أن تعلم الطلبة بشكل حقيقي ، بل المطلوب منك أن تطرح " مبادرات " ، وأن تكون نشيطا في علاقاتك بالمشرفين والتربويين، وأن تنظم عددا من النشاطات والاحتفالات وتدعو اليها مسؤولين على رأس مناصبهم المؤثرة ، كي يقال عنك أنك معلم ناجح وتغدق عليك الشهادات التكريمية والجوائز .
ولا بأس في سبيل ذلك أن تتغيب عن عديد من الحصص الدراسية وأن لا تكمل المنهاج الدراسي ، ويغدو أمر تنظيم مراجعات للطلبة الذين لديهم صعوبات في المادة الدراسية ،من الأمور التكميلية التي يمكن الاستغناء عنها بسهولة .
اذا أرادت وزارة التربية والتعليم تطوير التعليم بشكل جدي بعيدا عن المبادرات الوهمية والخطط والبرامج التي لاتنعكس على الطلبة ، فيتعين عليها التركيز على أداء المعلم الحقيقي في الغرفة الصفية وتفعيل دور المشرفين التربويين واعادة الاعتبار لحصص التربية الفنية والرياضية واغناء السنة الدراسية بحصص الموسيقى وتدريس مادة في الأخلاق لطلبتنا للتغلب على الأمراض التي تشوب السلوكيات والممارسات التي يحفل بها المجتمع ،اضافة الى اعادة تدريس مادة الفلسفة التي تم شطبها من المناهج الدراسية .