أخبار البلد - يحقُّ لنا أن نتغنّى
بالكرامة
في يوم الخميس الحادي والعشرين من آذارمن عام 1968 كان فعلا يوما مشهودا إذ كانت معركة حقيقيّة وليست فيلم مركّب وكانوا جنودا اشاوس وليسوا ريموتات العاب الكترونيّة وكانت قيادات حاسمة تأخذ قراراتها حسب معاييرها السيادية وحبها لوطنها وخوفها على ارضها .
وكان الهدف هو الكرامة معنى وجغرافية في وقت ديست فيه كرامة العرب ببساطير الجنود الصهاينة قبل عام واحد وكانت الكرامة تغلي في قلوب جنود الجيش العربي الأردني وفي ضمائرهم وعقولهم وكانوا يستمدون العزم من قائدهم الملهم ذو العزيمة الحديدية وكان هو الزعيم العربي الوحيد الذي يرفض وقف إطلاق النار حتّى يُزال آخر رجس من الصهاينة عن ارض الكرامة شرق النهر المقدّس .
وكانت الكرامة ملتهبة في صدور رجال المقاومة الشعبيّة في المنطقة ذاتها فتطور الإلتحام بينهم وبين رجال الجيش العربي مملوئين بالعزيمة والإرادة ليصبحا قلبين في رجل واحد وعزيمتين في ضمير واحد فكانوا متاكدين من النصر لأنهما يريناه باربعة عيون نصرا محقّقا وكرامة مستعادة وتأكدوا عندما شاهدوا بأعينهم كيف ان العدوّ ربط جنوده في مقاعد الدبّابات المعتدية خوفا من الهروب من المعركة ومن إستئساد جيش الحق ورجال السؤدد وكرامة من جعلوها رمزا لثأرهم .
معركة جعلت قادة العدو يركعون يترجّون قائد المعركة بأن يسمح لهم بجر جثث جنودهم ولم اشلائهم المحترقة من ارض الكرامة الأردنية ليأخذوها الى غرب النهر خوفا من تصويرها وعرضها مما قد يتسبب بانهيار جبهتهم الداخليّة .
عانينا في حرب 67 الكثير من انكسار في النفوس وانهيار في المعنويات ومساس في الكرامات وبات شعبنا العربي على تأهيل اشخاص وصحونا على ابواق إعلامية كاذبة وجيش يهرب في الصحراء يلتقط ما يرميه العدو من ماء وغذاء عليه لكل ذلك ديست كراماتنا وجهشنا بالبكاء كالنساء نجر خيبة الأمل وذيول الهزيمة المنكرة وحتى في تلك المرارة رفض بعض عربنا استقالة بعض قادته زيادة في التعنُّت او غيابا للصحوة وفي تلك الفترة فقدناها للكرامة .
واستعدناها بعد عام واحد على يد أحرار من الجيش العربي الأردني ورجال المقاومة الشعبية دون اي عون من أي جيش عربي آخر بل قاد المعركة جلالة سيدنا رحمه الله ببزّته العسكريّة وحركته النشطة وسلاحه الشخصي وصوته الجهوري وهو يدعوا الأسود من بين جنبات السفوح ومن فوق القمم ليعلِّموا العدو كيف يكون الدفاع عن الأرض بشرف وشجاعة وكيف تكون نهاية كل من يطأ الأرض الأردنيّة معتديا آثما .
يحقُّ لنا كاردنيِّين ان نتغنّى بتلك المعركة المباركة وان نترحم ابد الدهر على الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن ارض اردنية وكرامة عربيّة وراية خفّاقة فرووا الارض المقدسة بدماء طاهرة وصعدوا شهداء مع النبيّين في الملكوت الأعلى وان نزور مقامهم في كل ذكرى للمعركة الخالدة لأنهم حقّقوا النصر بقليل من السلاح وكثير من العزيمة والإيمان في قلوبهم فكان النصر الذي استحقّوا الشهادة من أجله .
رحم الله شهداء الكرامة وحمى وطننا الأردن الأعز ارضا وشعبا وقيادة وجنّبه كل عدوان وخطر .
احمد محمود سعيد
21 / 3 / 2016