وسط هذه الحيوية والاتصالات المكثفة من أجل تثبيت وقف اطلاق النار في سوريا ، والذهاب إلى جنيف من جديد ، هناك محادثات ومشاورات هادئة جدا ، وبعيدة عن الأضواء يجريها جلالة الملك مع عدد كبير من قادة دول العالم الذي جاءوا من مختلف القارات إلى العقبة ، من أجل توسيع قاعدة التفكير في المشاكل التي تواجهها الدول والأقاليم والقارات ومن بينها تنامي ظاهرة الإرهاب ، وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية ، بما في ذلك الأزمات الداخلية لكثير من دول العالم.
في غضون اليومين الأولين من هذا الأسبوع شملت المشاورات رؤساء بلغاريا ، وكوسوفو ، وكرواتيا ، وألبانيا ، وقبل ذلك رؤساء دول إفريقية وآسيوية وأوروبية ، في اطار ما صار يعرف منذ شهر نيسان من العام الماضي بلقاءات العقبة ، التي تحولت إلى مركز دائم لتلك المشاورات.
قدوم هؤلاء القادة والمسؤولين من بلدانهم القريبة والبعيدة يدل على أنهم يدركون أهمية هذه اللقاءات في اطار مفهوم الأمن والتعاون الدولي ، ولكن أكثر ما يهمنا كأردنيين هو أن يكون جلالة الملك المرجع الأول لتلك المشاورات ، وأن تكون العقبة مركزا لها.
فأي قيمة يحظى بها بلدنا على المستويات الإقليمية والقارية والدولية ، وأي مكانة بلغها الأردن حين يأتي إليه القادة من أنحاء الدنيا وهم على يقين بحكمة وحنكة وريادة مليكنا ، ومكانته الرفيعة بين القادة وقد أظهر في كل المناسبات أنه يقود فكرا جديدا لإعادة تنظيم العلاقات الدولية ، والدعوة إلى وضع حد لقوى التطرف والشر والعدوان ، وإلى حل المشاكل بالطرق السلمية التي تضمن حقوق جميع الأطراف ، وإلى التعاون القوي لمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ، واحترام حق الإنسان في الحياة الكريمة الآمنة.
فهل نتوقف للحظة ، ونستحضر ضمائرنا لنتأمل القيمة العالية التي يحظى بها بلدنا ، بدل أن نشوه صورته النبيلة بأفعال وتصرفات وشائعات لا تليق بنا ؟!