يستوقفني دائماً المثل : لاحقْ العيّار لباب الدار ..و أعترف و أنا بكامل ملاحقتي إنني لغاية هذه اللحظة لا أفهم مقصود المثل على وجه الدقة ؛ وإن كان المعنى العام له إنك تمشي وراء الكذاب حتى آخر الكذبة ..بالتأكيد أن المثل له حكاية ..ولكنّ ما يجعلني (أتجعلك في بعضي) هي الاسئلة التي تطرحني أرضاً و أنا لا أجد لها إجابات ..!
هل ألاحق العيّار طوال العمر ..؟ أم مشوار قصير ..؟؟ ولماذا للآن نلاحق كلّ العيّارين ولماذا لم نلقِ القبض على أحدهم و نوقفه عند حدّه ..؟ طيّب ماشي ..أليس عيّاراً يعني (كذّاب) فلماذا نلاحقه من الأصل ما دمنا نعرف أنه ابن ستة وستين كذبة ..؟ ولن ينوبنا منه إلا ضيّاع الوقت و اللهاث المصاحب للعطاس و الكحة ..؟؟
بلاش نوقف عند حكاية الملاحقة لأنها كما يبدو مكتوبة علينا و نحن استطيبناها ..دعوني أسأل عن شيء آخر : أليست الملاحقة حتى باب الدار ..؟ طيّب يا شطّار يا حلوين ..أي دار فيهم ..؟ داره أم دارنا أم دار الجيران ..أم كل دار في هذه الأوطان ..؟ ألم يدخل العيّارون كل البيوت ..؟ ألم يفتشوا في غرف نومنا ..؟ ألم يكذبوا علينا عياناً بياناً أن أغراضنا الشخصية هي أغراضهم وجاءوا بالشهود من العيّارين الآخرين ..؟!
يا سادة ..نحن استسلمنا بالكامل للعيّار..و لم نلاحقه على وجه الحقيقة ..بل العيّار نفسه أمرنا أن نمشي من طريق آخر غير الطريق الذي سلكه ؛ ووضع لنا في الطريق المخدرات و وفنون تدريس الانحراف ..وهو مضى في طريقه يبيع و يشتري بالأوطان ..يرفع المزاد و يهرّب الآثار و يستخرج الذهب الدفين ..!
مشكلتنا يا سادة أننا صدّقنا العيّارين ..وانتخبناهم ..و سلّمنا الآخرين منهم درجات خاصة و مسؤوليات ..وكلّ المطلوب ألا ننظر إلى سياراتهم وهي تقطع طريقنا و تقطع معها أحلامنا باستعادة كل شيء جميل بالوطن ..!
أيها السادة ..إمّا أن تلاحقوا العيّار بصدق و تخرجونه من الدار وتفاصيلها أو حطّوها و استريحوا.. !!