قال وزير المالية الأسبق الدكتور محمد أبوحمور، أن أرقام النمو الاقتصادي الحقيقي ومعدلات البطالة والفقر والمديونية وحجم الاستثمارات الحقيقية مقلقة جدًا، ووصل بعضها خلال السنوات الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة. جاء ذلك في محاضرة ألقاها في جبهة العمل الإسلامي.
وبين أبوحمّور أن تداعيات انخفاض أسعار النفط عالمياً على الأردن له تأثيرات مزدوجة حيث تنعكس بشكل إيجابي على عدد من القطاعات والمتغيرات بشكل مباشر أوغير مباشر منها تخفيض فاتورة النفط والتي انخفضت بنسبة بلغت 41% حيث انخفضت قيمة المستوردات من النفط ومشتقاته من 4.3 مليار دينار عام 2014 الى حوالي 2.5 مليار عام 2015 وهذا يساعد في تخفيض عجز الميزان التجاري مع العالم وكذلك يساهم تراجع أسعار النفط في تخفيض كلف الإنتاج على الصناعات وعلى مختلف القطاعات ويقلل من كلفة توليد الكهرباء وكذلك الغاء الدعم الموجه للمشتقات النفطية وانخفاض معدلات التضخم الناجمة عن تراجع الأسعار.
وبالمقابل أكد أن هناك تأثيرات سلبية متعددة جراء إنحفاض أسعار النفط عالمياً نذكر منها جدوى بعض مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة وتراجع الاستثمار الخليجي في الاردن وكذلك إنخفاض معدلات نمو حوالات الأردنيين العاملين في الخليج العربي والسياحة الخليجية والمساعدات من الدول العربية الشقيقة، وكذلك تراجع الإيرادات الضريبية من المشتقات النفطية بسبب تراجع أسعار المشتقات وغيرها من الآثار.
وأشار أبوحمّور إلى أن النمو الاقتصاديّ الحقيقي لعام 2015 سيبلغ حوالي 5‚2%، مشيرًا أن هذا الرقم هو الأدنى منذ عدة سنوات وهو لا يكفي لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، أو على الأقل للمحافظة على مستوى معيشة الأردنيين دون تراجع. مبينًا أن نسبة النمو السكانيّ للأردنيين تبلغ 3‚2%، ويضاف لها حوالي 5% نسبة النمو السكانيّ للجوء السوري، وإن هذا يتطلب أن يكون النمو الاقتصاديّ الحقيقي حوالي 3‚7% للمحافظة على مستوى معيشة المواطن الأردنيّ، مشيرًا إلى أنه وخلال السنوات الأخيرة فقد تراجعت مستويات المعيشة للأردنيين بمعدل لا يقل عن 5% سنويًّا، وهذا يعكس متوسط نصيب الفرد من الدخل الحقيقيّ، والذي ستؤكده أرقام التعداد السكانيّ الحالي.
وقد بين د. أبوحمّور، أن تراجع معدلات النمو الاقتصاديّ بهذا المستوى جاء نتيجة للظروف الإقليميّة التي تعيشها المنطقة، وكذلك للسياسات والإجراءات والقرارات الحكوميّة المتخذه خلال السنوات الأخيرة.
كما بين د. أبوحمّور، أن معدلات البطالة ارتفعت بصورة واضحة خلال الأونة الأخيرة، بسبب تراجع النمو الاقتصاديّ واللجوء السوري، مشيرًا إلى أننا بحاجة على الأقل لنمو اقتصاديّ حقيقي لا يقل عن 7% للمحافظة على معدلات البطالة دون زيادة أو المساهمة في تخفيضها تدريجيًا، وهذا غير ممكن حسب التقديرات الحكومية للسنوات المقبلة وفي المدى المنظور.
وحول موضوع المديونية، أشار أبوحمّور، إلى أن المديونية تضاعفت بين عامَيْ 2010و2015، حيث كان رصيدها (5‚11) مليار دينار في عام 2010، ووصلت الآن إلى (6‚22) مليار دينار لنهاية هذا العام، مما دفع بفوائد الدين العام إلى الزيادة إلى الضعف تقريبًا وبصورة كبيرة، متجاوزه المليار دينار سنويًّا، كما تجاوزت المديونية النسبة المسموح بها في قانون الدين العام والبالغة 80% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف أن رصيد الدين العام منذ تأسيس المملكة الأردنيّة الهاشميّة قبل عقود طويلة لغاية عام 2010 بلغ (5‚11) مليار دينار، في حين أن هذا الرصيد تضاعف خلال السنوات الأخيرة بصورة غير مسبوقة. مشيرًا إلى أن رصيد الدين والاقتراض خلال العقود التي سبقت كان بهدف ايجاد بنية تحتية متميزة في الأردنّ، من مستشفيات، ومدارس، وجامعات، وتأسيس شركات كهرباء كبرى كالاتصالات الأردنيّة، والكهرباء، وتعبيد طرق، ومد شبكات المياه، وإنشاء السدود، وغيرها من المشاريع التي أحدثت قفزة نوعية في البنية التحيتة في الأردنّ.
مبينًا أنه وعلى النقيض من ذلك، فإن الاقتراض الذي تم خلال السنوات الأخيرة، والذي أدى إلى تضاعف أرقام الدين لم يكن للإنفاق الرأسماليّ، حيث أن الإنفاق الرأسماليّ ممول من المنحة الخليجية، وإنما جاء لتمويل نفقات جارية من فوائد دين عام داخليّ وخارجيّ، ورواتب عاملين ومتقاعدين، والدعم وغيرها من بنود الانفاق الجاري.
وفيما يتعلق بالاستثمارات الحقيقية، أوضح أن موضوع الاستثمارات الحقيقة قد تراجعت خلال الأعوام الأخيرة بسبب الظروف في المنطقة، والسياسات والقرارات المتعلقة بزيادة أسعار الكهرباء والمحروقات والضرائب الإضافية التي تم فرضها، مشيرًا إلى أن ملف الشراكة مَعَ القطاع الخاص بأدنى مستوياته، وأن توطين الاستثمار المحليّ الذي بدأنا نسمع بهجرته للخارج، يعد الركيزة الأساس، وكذلك الحال بالنسبة للانطلاق إلى جذب الاستثمارات العربيّة، والأجنبيّة، والعمل على هذين الأمرين معًا، ويعد عدم تجديد أو أغلاق أكثر من (1500) مصنع خلال عام واحد، خير دليل على تقصيرنا في توطين الاستثمارات القائمة حاليًا، وكذلك لعل توجه الأردنيين للاستثمار في سوق عقار دبي بأكثر من (700) مليون دولار دليل آخر على أنه يجب مراجعة السياسات، والإجراءات، والقرارات، وكذلك لعل تراجع أرباح والشركات العاملة هو دليل ثالث على ذلك وغيرها من الأدلة.
وبين أبوحمّور، أن على الجميع التحرك لمتابعة الخطوات التي يقوم بها جلالة الملك المعظم حفظَهُ الله ورعاه في قضية جذب الاستثمارات وترويج الأردنّ وخاصة زياراته الأخيرة للصين، وكوريا، حيث أن جلالته يفتح الباب لنا في هذا المجال، ولكن ذلك يتطلب منا متابعة ذلك واتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لجعل ذلك يتبلور بصورة كبيرة وقد قام جلالته حفظَهُ الله وفي أكثر من مناسبة بتوجيه الحكومة للاهتمام بالقطاع الخاص.
واستعرض تطور الاقتصاد الأردنيّ منذ مطلع الستينات إلى وقتنا الحالي، مبينًا السياسات والقرارات والبرامج والخطط التنموية التي تبناها الأردنّ، وكذلك برامج التصحيح الاقتصادي المتعددة والتي بدأت منذ عام 1989، مَعَ صندوق النقد الدوليّ، وكذلك جدولة الدين مَعَ نادي باريس ونادي لندن ومبادلات الديون وشراءئها، والتحديات التي تواجه الاقتصاد الأردنيّ والتي يقع على رأسها الطاقة، والمياة، والبطالة، والمديونية؛ مبينًا أن علينا أن نتوقع تزايدًا من اللجوء من الدول المجاورة، وأن علينا أن نتعامل مَعَ وجود اللاجئين بطريقة تجعلنا نوظف ذلك لصالح الاقتصاد من خلال ايجاد مشاريع لاستغلال هذه الطاقات، وطلب مزيد من المسّاعدات من المجتمع الدوليّ لهذه الغاية، سيما وأن أعباء اللجوء على الاقتصاد الأردنيّ كانت كبيرة.
وحول موضوع العملات الأجنبية، بين أبوحمّور، أن الاحتياطات الأجنبية في الأردنّ مريحه وإنها تكفي لتغطية المستوردات لثمانية أشهر، وحسب معايير صندوق النقد الدوليّ فإن أي دولة لديها ما يكفي لمدة ثلاثة أشهر مستوردات، فهي في وضع آمن.