لا تقل الخطوة الملكية بتشكيل لجنة لمراجعة الدستور في جسارتها عن خطوة تعريب قيادة الجيش التي قام بها الراحل الحسين , المقاربة بين الخطوتين ليست مقطوعة الجذر , فالرجل الاردني الذي ابلغ كلوب باشا قرار تعريب قيادة الجيش وضرورة مغادرته الاردن هو ذات الرجل الذي اوكل اليه حامل الرسالة الهاشمية مهمة رئاسة لجنة مكلفة بمراجعة نصوص الدستور، للنظر في أي تعديلات دستورية ملائمة لحاضر ومستقبل الأردن.
الملك ومن جديد يطلق الاصلاح الى المدى الاعلى , فالمهام الثلاث او الإطار العام لمهمة هذه اللجنة، هو العمل على كل ما من شأنه النهوض بالحياة السياسية في السياق الدستوري، على أن تأخذ بالاعتبار ما سيصدر عن لجنة الحوار الوطني من توصيات متعلقة بالتعديلات الدستورية المرتبطة بقانوني الانتخاب والأحزاب. وأكد الملك ضرورة ترسيخ التوازن بين السلطات، والارتقاء بالأداء السياسي الحزبي والنيابي وصولا إلى صيغة دستورية تمكن مجلس الأمة من القيام بدوره التشريعي والرقابي بكفاءة واستقلالية، بالإضافة إلى تكريس القضاء حكما مستقلا بين مختلف السلطات والهيئات والأطراف، وأن يظل مرفقا مكتمل البناء في جميع درجات التقاضي وأشكاله.
قراءة اللحظة بعين البصيرة والمستقبل ليست جديدة على قائد المسيرة واستباق الزمن خطوات نحو افق أعلى واجمل, ديدن ملكي ما انفك موصولا منذ تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية , عندما اطلق قاطرة الاصلاح قبل ان تهب رياح التغيير على الاقليم العربي فهو الذي طالب بالاحزاب وهو الذي رفع سقف الحرية الاعلامية ليطال السماء وهو الذي قاد لجان الاصلاح من الاجندة الى الاردن اولا الى باقي المسارات الشبابية والنسائية .
رسالة الملك الى لجنة المراجعة وطبيعة تركيبة اللجنة كلها اشارات الى تحقيق حلم المواطن الاردني بالبرلمانات المعبرة عن طموحه وحكومات تخضع للمساءلة وقضاء لا سلطان عليه , واحزاب تشارك في القرار , وكل ذلك تحت حماية الدستور وتحت مظلته .
اللجنة ليست استباقا سياسيا او خطوة ترطيب بل دخول الى جوهر الاصلاح وحمايته , ودليل دامغ على ان الاصلاح ومسيرته خطوة جادة وحقيقية وليست شراء للوقت للخلاص من اثار اللحظة الشعبية في الوطن العربي كما حاول البعض التشكيك في مسيرة الاصلاح الهادرة بدعم الملك .
الملك فتح كل الافاق وازال المعيقات من الدروب وفتح ابواب الامل ليكون الاردن منارة وواحة امن وديمقراطية واستثمار , فالاصلاح في جوهره هو اعادة انتاج الحياة للمواطن بشكل افضل وارقى , وتقوية البرلمان والحكومة والقضاء يعني ان الفساد تعرض لنكسة وقبضة حديدية .
دعاة الاصلاح وتياره المنشود يمتلكون الان كل الاذرع اللازمة لقيادة الصفوف , وتحضير الرؤى والبرامج لرفع سوية الحياة السياسية في الاردنية ورفع المؤشرات الاقتصادية الى اعلى درجة ممكنة , فما عاد لقوى الشد العسي وجود الا اذا تراجعوا هم عن التقاط اللحظة وتقديم برامجهم .
اللجنة بشخوصها وبرسالة التوجيه الملكي هي لحظة امل اردنية تتطلب من الجميع الجلوس على مائدة الحوار الوطني وازالة الاحتقانات السياسية والشارعية فما عاد هناك محظور امام الاصلاح والفضل كله للملك .