قدمت مصر للإنسانية أقدم نظام سياسي في العالم ، فعلى ضفاف نهر النيل قامت أول دولة مركزية موحدة في تاريخ البشرية، وكان لمصر السبق في تجسيد ذلك من خلال أطر مؤسسية كان لها الدور الفاعل في صياغة حياة الشعب وحماية قيم الحرية والديمقراطية فيها. مزجت الدساتير المصرية بين النظامين النيابى وشبه المباشر حيث أخذت أساساً بالنظام النيابى مع تطعيمه ببعض مظاهر من الديمقراطية شبه المباشرة
وتمثل ذلك في الاخذ بالاستفتاء السياسى والدستورى. فأخذت الدساتير المصرية المتعاقبة بالنظام الرئاسى في أحد عناصره وهو العنصر الخاص بفردية السلطة، والذي يمكن رئيس الدولة من إحكام قبضته على السياسة العامة للحكومة كما أخذت من النظام البرلمانى العلاقة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والتي تمكن من حل البرلمان عند الضرورة، وكذا تقرير المسؤولية الفردية للوزراء.
إن النائب البرلمانى يجب أن يكون قادرا على اتخاذ موقف لمحاسبة الحكومة ومراقبة أداؤها والقيام بالمهام الأدوار المطلوبة منه وهى المشاركة فى مناقشة القوانين وتقديم مشروعات قوانين وطلبات إحاطة واستجوابات، مما يتطلب منه أن يكون لديه ثقافة قانونيه ويكون له معاونين يساعدوه فى أداء عمله. اختلفت صلاحيات عضو البرلمان بين الدساتير المصرية، وهو ما يؤثر على دورة وقد أعطى الدستور الجديد برلمان "2015” العديد من الصلاحيات منها تشكيل الحكومة ومحاسبة رئيس الجمهورية، ووفقاً للمادة 101 من الدستور والتي تنص على أنه يتولى مجلس النواب سلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وفى هذا لم يختلف عن سابقة حيث نص الدستور السابق في المادة 115 منه على ذلك والاختلاف بين صلاحيات عضو البرلمان وفقاً للدساتير 1923 و1971 و2012 و2013 فقد منح دستور 1923 عضو البرلمان الكثير من الصلاحيات والسلطات إلا أنها كانت غير مفعلة، أما دستور71 والذى أعطى صلاحيات واسعة للرئيس في السيطرة على البرلمان مما أفقده دوره ،بينما دستور 2012 المعدل عام 2014 وضع قيد على حل الرئيس لمجلس النواب من خلال اللجوء إلى الشارع للاستفتاء فإذا لم يوافق الشعب على حل البرلمان يستقيل الرئيس.
البرلمان أو مجلس الشعب أو مجلس النواب هو هيئة تشريعية تمثل السلطة التشريعية في الدول الدستورية، حيث يكون مختصاً في الأصل بجميع ممارسات السلطة التشريعية وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات، ويكون للبرلمان السلطة الكاملة فيما يتعلق بإصدار القوانين والتشريعات وإلغائها، كما أن للبرلمان ثلاث مهام أساسية وهي التشريع والرقابة على أعمال الحكومة وتمثيل الشعب أمام الحكومة، وقد تباينت الآراء في الفترة الأخيرة حول الدور الأهم لنائب البرلمان، حيث يرى البعض أن نواب البرلمان أغلبهم "نواب خدمات” في حين يرى أخرون أن الدور الأهم للعضو هو التشريعي والرقابي إلى جانب الدور الخدمي. - مفهوم عضو البرلمان: والذي يُعرَّف في نظرية العلوم السياسية بأنه شخص اختارته دائرة معينة لتمثيلها في مجلس الشعب على أن يقوم بتوصيل صوت هذه الدائرة ومناقشته تحت قبة البرلمان مع الأعضاء الآخرين. ويكون لنائب البرلمان ثلاث وظائف أساسيه أولها: مراقبة عمل الحكومة، وثانيها: سن وتشريع القوانين وعمل تعديلات على مواد الدستور إن تطلب الأمر، وثالثها: تطوير الدائرة بالمشاريع المهمة عن طريق الدولة وأجهزتها الإدارية، وإقرار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية للدولة، والموافقة على الاتفاقيات الدولية الكبرى وغيرها. ويبدو واضحًا أن مهام النائب تُعد أكثر عمومية عن كونها مرتبطة بالدائرة نفسها ومشكلاتها؛ إذ إن سن القوانين وتشريعها بجانب مراقبة عمل الحكومة، والعمل على تطوير المشروعات الهامة ومناقشتها؛ كلها عناصر من شأنها أن تُحقق فائدة كبرى للمجتمع ككل بما يعود بالنفع في النهاية على الدائرة التي يُمثلها وأبنائها باعتبارها أحد مكونات هذا المجتمع لا وحدة منفصلة عنه.
بيد أن ما يبدو نظريًّا هامًّا وبرَّاقًا، تجده في الواقع مختزلا ومجتزأً بشكل كبير، إذ ترسَّخ لدى المواطنين مفهوم مغاير تمامًا عن عضو مجلس الشعب وعن طبيعة المهام التي يجب أن يقوم بها؛ بحيث أصبح دوره يقتصر على خدمة أبناء دائرته فقط وتقلّصت صلاحياته في رصف الطرق وتركيب أعمدة الإنارة، والمساهمة في توظيف بعض الشباب بالدائرة، وإقامة حفلات للأيتام والأرامل لتوزيع العطايا والهدايا عليهم، وتنظيم موائد رمضانية للفقراء والمحتاجين. بل لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل أخذ بُعدًا أكثر خطورة؛ بحيث أصبح المواطنون يلجئون لعضو مجلس الشعب أحيانًا في إنجاز بعض المطالب بشكل غير فانوني كأن يتوسط النائب لدى الشرطة لإخراج أحد أبناء الدائرة بعد تورطه في جريمة ما تلك المطالب التي يظن النائب نفسه أن من شأنها أن ترفع مكانته، وتعززها في نفوس أهالي دائرته الانتحابية وبالتالي يضمن الفوز في الدورة الانتخابية التالية. وتكمن خطورة هذا الوضع في ما تسببه من تشويه تراكمي للعقل الجمعي المصري فيما يتعلق بطبيعة المهام التي يجب على هذا الشخص القيام بها، بل وتدفع حتى الشرفاء أن يحذوا الحذو نفسه إن أرادوا الحصول على هذا المنصب وكسب رضاء المواطنين
أن الاتجاه إلي إرساء أسس نمو قوي ومستديم ومتوازن وتحصين حقوق المواطنين ضد استغلال النفوذ تحت مسمي الحصانة البرلمانية، يعطي الأولوية لحماية وتعزيز الانتعاش الاقتصادي، لزيادة ودعم آفاق النمو، بعدما تخفض النفقات، وعندما تتخذ هذه التدابير المعقولة سنحذو حذو كبري اقتصادات الدول المتقدمة.
أن للنائب حصانة مزدوجة إحداهما شاملة «سياسية» والأخرى قاصرة «جنائية».. فالأولي هي حصانة دائمة مقتضاها: عدم مسئولية النائب عن الأفكار والآراء التي يبديها مدة نيابته. وإنما الثانية يمكن إلغاءها مادامت لا ترتبط بحرية الرأي والتعبير والمناقشة والتصويت فقد كفل الدستور لأعضاء البرلمان حصانة خاصة في بعض الأحكام المقررة في التشريع الجنائي وذلك في حالتين الأولى عدم مؤاخذة أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الأفكار والآراء في أعمالهم في المجلس أو في لجانه وهو ما يطلق عليه عدم المسئولية البرلمانية. والثانية : عدم جواز اتخاذ أي إجراءات جنائية ضد العضو البرلماني – في غير حالة التلبس – إلا بإذن سابق من المجلس وتزول الحصانة عن عضو البرلمان في حالة التلبس لأن الجريمة تكون مؤكدة ومرتكبها معروف.
الدكتور عادل عامر
دكتواره في القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية ومستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية و مستشار تحكيم دولي