(تسببت تغريدة كتبتها الإعلامية الأمريكية «الناصحة يعني فات وومن»أوبرا وينفري على حسابها الخاص على تويتر ، في أن تجني 12 مليون دولار بعد ساعة واحدة من كتابتها.
قالت: نقص وزني رغم أني بحب الخبز قال، فارتفعت أسهم شركة Weight Watchers المتخصصة في برامج ومنتجات الحميات الغذائية بـ 20 بالمئة، ليصل سعر السهم إلى 13.37 دولار، وهي الشركة التي تملك أوبرا بها 6.4 ملايين دولار كحصةٍ استثمارية ).
أعلم خطورة وأهمية هذا الزواج بين الإعلام والإعلان التجاري، وخطورة وأهمية عقود الزواج الأخرى التي تربط الإعلام بالسياسة أو بالثقافة أو بالجريمة .. فالاعلام مهم وخطير، وتزداد خطورته حين يكون المتلقي لا يتمتع بخلفية ثقافية عامة واسعة، فيصبح مجرد كأئن بسيط في عالم الميديا، يردد ما تجود به عليه وسائل الإعلام المختلفة دونما فهم منه، وتضيع فرصة الفهم وتنمية المدارك وتوسيع الأفق لدى هذا المتلقي، حين يتعاظم ارتفاع منسوب السيل الإعلامي الجارف..إنسوا الكهنوت الإعلامي، وإسمعوا هالتغريدة:
كانت أسراب من طيور مهاجرة تمر بحقول قريتنا منذ بداية الصيف حتى نهاية الخريف، منها طيور كبيرة لا تكاد تهبط الى الحقول، بل تمر عبر سماء وفضاء القرية، ومنها أسراب من عصافير جميلة رقيقة، «تغرد» بأصوات جميلة، تلفت انتباه السامع العادي، ليفهم بأنها تغريدات عصافير جديدة عابرة للقرية، وأحيانا كانت تسقط بعضها جوعا وتعبا، فتتخلف عن السرب، فنلقي عليها القبض، وتتلاشى بين أيدي أطفال القرية وأبناء الرعاة والفلاحين..
قبل أيام، وعلى إحدى صفحاتي فى فيسبوك التي أجري عليها بعض الترميمات، حيث شطبت أكثر من 550 اسم منها، لاستبدالهم بأصدقاء «أحياء» جدد، كتبت كلمات، ربما تصلح لتكون مصدر «أغنيات»، لكنني اعتبرها «تغريدة» لا ترتفع بسببها إلا أسهم المكتتبين في المحبة والتعاطف والحس النقي الصادق، حيث كنت أبث خبرا للمعارف وللأهل يفيد : أن طيرا جميلا من طيور القرية، كان قد هاجر منذ 30 عاما الى أمريكا، ثم فاض نهر الحنين لديه لأسباب كثيرة عتيقة وحديثة، من بينها كتابتي عن القرية وأهلها الطيبين (الطيبين قلنا)، فقرر العودة الى الجذور، حيث قال الصديق زيد ابن ابو رسمي: «لا جديد أتعلمه في أمريكا، بل إنني لم أتعلم فيها شيئا يضيف لي جديدا إنسانيا، وفي الحقيقة أنا أعلم الناس هنا شيئا مما فهمته وتعلمته من مبادىء وقناعات أهل قريتي الطيبين».. والمهم في الموضوع متعلق بالأسهم التي لا يمكن تسييلها في سوق المال والمصالح، وهي أسهم النبل والوفاء والولاء لهذه الأرض الطهور، فبعض ال»تغريدات» توقض فينا جمالا معتقا بطيب نفوسنا وأصالتها وتوازنها، وهذا رأس مالنا في قريتنا وفي وطننا الجميل..
منذ الصغر حفظنا تغريدة جميلة تقول :»يا عتبي عليك».
وأقسم بأنها تغريدة أغلى من تغريدة أوبرا، لكنها لا تجني نقودا، ولا يمكن استخدامها دونما أن يقفز للذهن اسم وتاريخ صاحب العلامة «الماركة» الحقيقي، ذلك الأستاذ الذي انتقل الى رحمة الله تعالى منذ زمن، أتحدث هنا عن يعقوب ابن صالح، صاحب العلامة ال»ثقافية» التي اتخذتها عنوانا لهذه المقالة، حيث غرد بها الأستاذ يعقوب منذ زمن، فذهبت قولا يحمل مضامين خفيفة على النفس، فيها من التأنيب والرفض والأمل بالتغيير، وفيها دعابة، لأنها تستقر في أذن وذهن السامع ثم في قلبه، بخاصة حين يكون السامع قد حاد عن المطلوب أو المرغوب أو المتوقع المنسجم مع المنطق .. كان يعقوب ابن صالح يخفي غضبه ورفضه، ويطبع «دمغته» الإنسانية الراقية بالقول : ياعتبي عليك، ثم يقدم مبررات العتب حين يهتم السامع،أو يكون حريصا على أن يكون الرضى وليس العتب، هو ما يستقر في قلب «الأستاذ» يعقوب، وبذات المعايير والأوصاف قفزت الى البال بجدارة عبارة «يا عتبي عليك»، حين «غردت» بل علقت رجاء ابنة يعقوب على كلماتي عن زيد، لكنها دمغت التعليق بتغريدة يعقوب ابن صالح الأثيرة «يا عتبي عليك»، وهي تكفي كي أعرف أن المعلقة هي رجاء ابنة يعقوب ابن صالح، وهو اختبار نجحت فيه بالتأكيد، لكن الناجحة الأكبر هي التي رفعت من قيمة أسهم المعاني الإنسانية العريقة الراقية لدي بلا حديث وجدل..
الإعلام والسياسة والاقتصاد والاجتماع والعقائد والمكائد والمصائد وكل الخطوط المتضاربة في معادلتنا الوطنية والاجتماعية.. يا عتبي عليها وعلى مخططيها ومغرديها، إن لم يحترفوا التغريد هدفا لحب الناس والوطن .
تعالوا الى قريتنا لتتعلموا أصول التغريد كمحترفي حب لهذه الأرض وللمعاني الإنسانية الجميلة الأرقى.
نقول: تبا للمنجرفين والمنحرفين والمتكسبين على حساب الوطن والناس.
أما عن العاشقين الطيبين الذين تناسوا وابتعدوا انهماكا في يومياتهم فتركوا كل هذا الفراغ فنقول: «يا عتبي عليكم».