الله غالب!

الله غالب!
أخبار البلد -  

كما أفعلُ كلما زرتُ بلداً لأول مرّة، خرجتُ عند السادسة فجراً، حفظتُ مكان "الأوتيل" جيداً، ورحتُ أتجوّلُ في شارع "الحبيب بورقيبة".. من هنا، من هذا الشارع، انطلقت الثورة التونسية!

تلك الهناءة الشديدة العدوى التي تعمّ شوارع العرب.

الناسُ هنا لهم وجوه منحوتة مثل تماثيل فينيقيةٍ مفرطة الأناقة، لكنها تضجّ بالعافية والحياة، القطار يمر بين أكتاف المشاة في وسط الشارع، والتونسيون يتناولون قهوتهم في المقاهي الكثيرة التي تفرد كراسيها القش النظيفة على الأرصفة، والطيور تحطّ على الطاولات بلا استئذان؛ كأنما بدورها صارت حُرّة أن تفعل ما تريد!

قال لي سائق التاكسي أمس: أخيراً أعطانا الله حصّتنا من الحرية؟

سألته: وماذا ستفعلون بها؟ قال: الله غالب، ربما لن نفعل شيئاً، المهمّ أنها صارت لنا!

 سألته: ما الذي تغير إذن؟ ردّد بعفويةٍ ما كان قاله لي صديقٌ مصري قبل ذلك: صرتُ أحسّ أن هذه البلد لي أنا، وليست لعائلته هو، وأنني مسؤول عنها؛ عن نظافتها، عن أموالها، عن أطفالها، عن بحرها وآثارها، وحتى عن حالة الطقس فيها!

أحسستُ في وجوه التونسيين استرخاء لم أره في ملامح شعب قبل ذلك، كأن جلدهم يتنفس الآن هواء نظيفاً، وسعيداً، ويتعاملون مع بعضهم بودّ بالغ كأفراد عائلةٍ التقوا بعد غياب طويل في زنازين انفرادية!

ولاحظتُ أنهم يكثرون من استخدام كلمة "الثورة" في كلامهم، كأنما ليذكّروا أنفسهم في كل ساعةٍ: إننا الآن غيرنا!!

فيقول لي السائق مثلاً بمجرد خروجي من باب المطار: هل تعرف هذا الشارع ؟ قلت له هذه أول مرة أزور بلادكم. وهذا أول شارعٍ أراه. فيجيب: هذا شارع أبو عمار. ثم يكمل موضحاً (شارع ياسرعرفات راك متعرفهوش؟؟)!!

لم أعلّق، لكنه أكمل: كل هذه الثورات يجب ان تلتقي هناك في بلاده .. لا معنى لها اذا لم تكمل طريقها لهناك!

فقلتُ له أنا هذه المرّة: الله غالب!

لكنه، كما باقي التونسيين، يظلّ يرجع للحديث عن الثورة، بفرح، وببهجة من استرد ما أضاع منذ سنين طوال: هل ترى هذه البناية العالية جداً، هذه كانت مقر حزب الزين، حررناها.. هي الآن لي ولأولادي!!

تونس هادئة، رغم أن السيارات العسكرية المصفحة والمجنزرات ما تزال رابضة هنا، في هذا الشارع، على باب "وزارة الداخلية"، لكن الهدوء يغلب على ملامح الناس، ورغم أنني لست من هواة المشي، لكنني أعدتُ التجول في ذات الشوارع القريبة خمس مرات متتالية، أقرأ وجوه المارّة، وأحاديثهم، والتاريخ الذي تجده مكوّماً في الشارع أينما اتجهت، الحضارة التي تتجلى في شكل المعمار والشوارع العتيقة التي يمر منها المشاة والسيارات والقطار الكهرائي وعربات الخضار في ذات اللحظة وبتجاور غريب وانسجام، وأحاول أن ابحث عن آثار ما حدث، وكيف غيّر في التفاصيل العادية، وكيف ينعكس العامّ على الشخصي، وكيف يؤثر حدث تاريخي كهذا في حياة مواطن،.. وأستطيع ان ألخّص كل ما رأيته في كلمةٍ واحدةٍ هي: الاندفاع!

 فأنت ترى شعباً يخرج للعمل كأنه خارج للاحتفال صباح العيد!

وربما اختصرها السائق بشكل أكثر بلاغة حين قال لي: (الحين ننجّموا نعيشوا) بمعنى (الآن نستطيع الحياة)، وكان يتحدث كطفلٍ رغم الشيب، أحسستُهُ يشتهي كل شيء بشراهةٍ بالغة، وأنه كما كل التونسيين يقبلون الآن على نهاراتهم كأنها قطعة شوكولاتة شهية لم يتذوقوها قبل ذلك.. وأنهم ذاقوا حرماناً قاسياً لم يختبره أحد!

حطّ عصفورٌ صغير بجانب قهوتي، رشف قليلاً من الماء، وقبل أن أضع يدي على الكاميرا ابتعد بحريةٍ كان واضحاً أنها جديدةٌ على جناحيه، وكما يودع التونسيون بعضهم بالعبارة المعروفة، قلتُ له: (رُدّ بالك على روحك)!

شريط الأخبار رئيس الوزراء يطلع على سير العمل في ميناء العقبة الجديد الذي يضم 9 أرصفة المدير التنفيذي لشركة المقايضة للنقل والاستثمار "ناصر خنفر" يقدم استقالته اتفاق على إسقاط 3.6 مليون دينار بين “بيت الاستثمار الأردني السعودي” و”عبر المفرق للتعدين وفيات الخميس 10-7-2025 بسبب أسعار البيض... الحكومة الأميركية ترفع دعوى ضد كاليفورنيا الجيش الإسرائيلي يقول إنّه اعترض صاروخا أطلق من اليمن العمل : 228 شكوى لعاملات المنازل في 5 أشهر "رويترز": 15 شخصا على الأقل محاصرون تحت نفق منهار في جنوب لوس أنجلوس طلبة "التوجيهي" يختتمون امتحاناتهم اليوم ارتفاع طفيف اليوم وطقس حار في أغلب المناطق آخر مستجدات قضية الاعتداء على الصحفي الحباشنة قاطنو العقبة قد يحصلون على أراضٍ سكنية بأسعار رمزية القسام: تمكنا من الإغارة على تجمع لجنود وآليات الجيش الإسرائيلي وحاولنا أسر جندي لكن تم الإجهاز عليه الأكبر في تاريخها.. 100 ألف طن من المعدات العسكرية الأمريكية لـ"تدمير غزة" تصل إلى إسرائيل الحوثيون: استهدفنا سفينة "ETERNITY C" المتجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كامل تحذير هام من "المعونة الوطنية" كريف الأردن: 9.8 مليون تقرير ائتماني أصدرت منذ 2016 "الغد" تتراجع عن تعهداتها وتنهي خدمات الشرعان والعميري... واستقالة دعنا تزيد المشهد تعقيدًا الدكتور هيثم أبو خديجة رئيساً لشركة الأولى للتمويل .. ومن هي السيدة التي خصها بالشكر؟ امين عام العمل يفتح جبهة من نار في العبدلي ومعركة كسر عظم بين النائبين البلوي والهميسات