أخبار البلد -
في الغرف الصفية عندما كنت مدرسا لمادة الرياضيات كنت استخدم كلمة«معاً» بكثرة وبالذات في موضوع الاحتمالات, كانت كلمة«معاً» تبقى معي احيانا على السبورة طيلة الحصة, واحيانا اخرى ابحث عنها فاجدها قد غادرت, لا انكر ابدا انني استخدمتها في بناء الاختبارات والامتحانات ايضا, ..لكن بكل صراحة كنت اشعر انها غير مطيعة لي بعض الاحيان وربما يعود ذلك لانني اتعبتُ بها طلبتي وقتها, لكن كان كل ذلك لمصلحتهم.
في افتتاح المؤتمر الرئيسي لمنتدى حوارات البحر الابيض المتوسط الذي تستضيفه العاصمة الإيطالية روما بمشاركة(40)دولة، شارك جلالة الملك عبدالله الثاني كمتحدث رئيس في المؤتمر طارحا رؤيته لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة وبالذات على ضفتي البحر الابيض المتوسط حيث قال: (على ضفتي البحر الابيض المتوسط وبالرغم من أننا نتحدث لغات مختلفة، إلا أن قيمنا المشتركة توحد صوتنا الذي ينادي بمبادئ التسامح والسلام والاحترام المتبادل, وان مصيرنا مشترك, فإما الازدهار معا, وإما الفشل معا).
استوقفني روعة كل ما قاله جلالة الملك في المؤتمر, وبالذات عندما قال:(مصيرنا مشترك, فإما الازدهار معا, وإما الفشل معا), وتذكرت كلمة«معاً» في دروس الاحتمالات, وتساءلت عندها هل جلالته درس علم الاحتمالات, فكلمة«معاً» لا يستخدمها الا كل من كان متمكنا, كيف لا وتحمل هذه الكلمة في ثناياها كل الحوادث, اقصد حوادث التجارب الرياضية, نعم حودث النجاح تتطلب كلمة«معاً» وحوادث الفشل تتطلب كلمة«معاً» في نظرية الاحتمالات, وهنا تذكرت صاحب هذه النظرية, نظرية الاحتمالات وهوالعالم الفرنسي«باسكال», فقد استخدم مع النجاح والفشل كلمة«معاً».
اعزائي الكرام في العاصمة الإيطالية روما ادرك جلالة الملك عبدالله الثاني ادرك ان نكون«معاً» لنحقق اسباب النجاح في المنطقة, وان نكون معا كي نبعد عنا مسببات الفشل, وادرك جلالته ان المصلحة مشتركة في الحالتين, ..لنقف بعض الشيء عند ما قاله احد فلاسفة اليونان يوما على احد شواطيء البحار وهو يرى غرق احدى السفن من امامه, قال كان عليهم ان يعرفوا جميعا ان بقاء ثقب في ارضية السفينة هلاك للجميع, وان اصلاح هذا الثقب نجاة لهم جميعا, واردف قائلا: لكن يبدو ان هؤلاء قد نفذ الوقت لديهم, ونقول هنا: «معاً» كلمة جاءت على لسان صاحب الجلاله في سياق حديثه في مؤتمر حوارات البحر الابيض المتوسط وكانت بحق تستحق منا جميعا كل الاحترام, ..واكثر من ذلك انها اطاعته في دلالاتها.