أخبار البلد - الطاقة النووية في الأردن
ما لها وما عليها
المشروعات والإستخدامات (3)
إنّ من واجب الحكومة بوزاراتها المختلفة ومؤسساتها وهيئاتها وبمساعدة منظمات المجتمع المدني ان تولي برامج التوعية والمعرفة بالبرنامج النووي الأردني عناية واهتماما كبيرين وذلك لكون هذا البرنامج بكافّة نشاطاته ومشروعاته وابعاده جديدا على المجتمع الأردني الذي سمع الكثير عن مفاعل ديمونا الإسرائيلي ومخاطره والذي استخدمته اسرائيل في الستينات من القرن الماضي لبث الرعب في نفوس ثلاثمائة مليون عربي بينما كانوا هم لا يتجاوزون عدد الأصابع من الملايين يغتصبون ويدمرون ويفتتعلون المجازر دون اخلاق كذلك درس الطلاب ويلات قنابل هيروشيما وناكازاكي اليابانيتان في الحرب العالمية الثانية وسمعوا عن اثار التسرب من مفاعل تشيرنوبل الروسي ولاحقا التسرب من مفاعل فوكوشيما الياباني وقد رأى المجتمع الأردني من كل ذلك مخاطر وكوارث المفاعلات النوويّة لذلك يجب زرع فوائد مثل تلك المفاعلات في تنمية المجتمعات ورفع شأنها .
والتوعية والمعرفة تقع بداية على العاملون والمستفيدون من البرنامج وثم على المعلمين في المدارس والجامعات وكذلك على الشيوخ والبطاركة والعلماء في اماكن العبادة والأهم من الجميع هم العاملون في الوسائل الإعلاميّة المقروءة والمسموعة وعلى شاشات التلفاز وثم الأدباء والفنّانون وغيرهم وذلك بهدف البيان بشفافيّة للناس طبيعة البرنامج ومراحله وعناصره والفوائد المرجوة من نتائجه وكذلك إجراءت الوقاية من مخاطره والعلاج في حال وقوع اي حوادث تسرُّب إشعاعي لا سمح الله .
وللدلالة على تلك الفوائد يجب التركيز على المشروعات والإستخدامات على ارض الواقع من خلال البرنامج النووي الأردني كما يلي :
اولاً: إستخدام التكنولوجيا النووية في الزراعة
تتركز الإمكانات الأساسية لإستخدام التكنولوجيا النووية في الزراعة في الأردن في مجالات رئيسية عديدة اهمها تحديد متطلبات المياه والأسمدة للمحاصيل الزراعية المختلفة بهدف تحقيق الإستعمال الأمثل للمياه والأسمدة في الزراعة ونجنب الهدر فيها, وكذلك إجراء تحسينات وراثية أساسية في النباتات والمحاصيل بهدف تحسين نوعيتها وزيادة إنتاجيتها, والعمل على إمكانية القضاء على أنواع مستوطنة من الحشرات التي تؤثر تأثيرا سلبيا على المحصول الزراعي , واخيرا إستخدام التكنولوجيا النووية في حفظ الأغذية .
وقد تم بالتعاون ما بين قسم الطاقة النووية في الوزارة وكلية الزراعة في الجامعة الأردنية وضع مشروع لإستخدام التكنولوجيا النووية في مجال دراسة العلاقة بين النباتات والمياه والأسمدة.
وقد تبيّن انّ إستخدام التكنولوجيا النووية في الزراعة يحقق عائدات كبيرة جداً في كثير من دول العالم المختلفة تتراوح ما بين 10 - 30% من قيمة العائدات الزراعية السنوية؛ وإن إدخالها في الأردن يتطلب تطوير جهد وطني خاص على شكل مركز وطني لبحوث الزراعة النووية يكون مستقلاً أو جزءاً من مركز وطني شامل للبحوث النووية. وتقوم الوزارة حالياً بدراسة هذا الأمر مع الجهات الوطنية والدولية المعنية.
ثانياً: استكشاف المياه
إن شح المياه السطحية مثل البحيرات والأنهار والأمطار ، وسوء توزيعها: يجعل من إستخدام التقنيات النووية في البحث و التنقيب ودراسة مصادر المياه الجوفية أمراً ضرورياً وملحاً في بلد فقير مائيّا كالأردن.
لقد تم وضع مشروع لدراسة مصادر المياه في الأحواض المائية الأربعة الرئيسية بإستخدام التقنيات النووية المتوفرة، بعد إستكمال تجهيز مختبر النظائر البيئية في سلطة المياه وتدريب الكوادر العاملة فيه.
ولقد نجحت جهود الوزارة أخيراً في جعل ذلك المختبر مركزاً إقليمياً متخصصاً تستفيد منه دول المنطقة كلها في إجراء التحليلات المائية وتدريب القوى البشرية.
ثالثاً: استخراج اليورانيوم
تتركز مقومات مشروع اليورانيوم في الأردن على ثلاثة حقائق أساسية وهي أن الأردن سيكون بحاجة إلى إنشاء محطة نووية لتوليد الطاقة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إذا ثبتت جدواها , وثانيها أن اليورانيوم ثروة وطنية يتوجب العمل على استثمارها ، إذا ثبتت جدواها الاقتصادية , وثالثها أن تطوير برنامج لإنتاج الطاقة النووية يستلزم تطوير بعض صناعات الوقود النووي محلياً كعمليات تركيز اليورانيوم وتنقيته وذلك قبل بناء المحطة الأولى بوقت كافٍ .
وفي الأردن يتواجد اليورانيوم في مصدرين أولهما من الفوسفات (ناتج ثانوي) , وثانيهما من الخامات الطبيعية (ناتج أولي) .
وتقوم وزارة الطاقة والثروة المعدنية حالياً بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتنفيذ مشروعين اولهما لإستكشاف اليورانيوم الطبيعي , وثانيهما لإستخلاص اليورانيوم من الفوسفات وينفذ في شركة الفوسفات.
رابعاً: مشروع الرصد البيئي
والهدف من هذا المشروع هو دراسة الخلفية الإشعاعية الطبيعية في المملكة، ورصد أي تغير فيها قد ينجم عن حوادث نووية أو إشعاعية ؛ وذلك من خلال إنشاء منظومة للرصد الإشعاعي البيئي لقياس الخلفية الإشعاعية الطبيعية في مختلف نواحي المملكة حيث انشئت عشرات المحطات في أنحاء مختلفة من المملكة , وكذلك تم إنشاء مختبر لقياس وتحليل نسب تركيز العناصر المشعة في المواد البيئية المختلفة ,كما تمّ إنشاء شبكة محوسبة للإنذار المبكر ضد الحوادث الإشعاعية تتكون من ستّْ محطات مربوطة معاً عبر شبكة الاتصالات الوطنية.
خامساً: مشروع الصيانة النووية
حيث أنّه تستخدم حالياً في المملكة أجهزة ومعدات نووية تزيد قيمتها عن 10 مليون دينار , ممّا يستلزم وجود ورشة وطنية للصيانة النووية لصيانة هذه الأجهزة والحفاظ عليها.
سادساً: مشروع العلاج بالأشعة
من اجل رفع معايير الوقاية الإشعاعية في مجال الطب النووي والعلاج بالأشعة تم التعاون ما بين قسم الطاقة النووية ومركز الطب النووي والعلاج بالأشعة في مستشفى البشير لتعزيز نظم و إجراءات ضبط الجودة وتصميم الجرعات الإشعاعية العلاجية.
وتلك هي مشروعات تعود على المجتمع الأردني وشرائح مختلفة منه كالمزارعين والأطبّاء والمرضى والباحثين والصناعيّينوغيرهم كما تعود على الإستثمار في الأردن والمستثمرين المحليِّين والأجانب بكل خير كما يكون لها لمسات ايجابيّة على الإقتصاد الأردني وبيئته وبالتالي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة التي ننشدها صونا لأجيالنا الحاضرة والمستقبلية .
احمد محمود سعيد
البناء الأخضر للإستشارات البيئيّة
10 / 12 / 2015