نصت المادة رقم 111 من الدستور الاردني، انه لاتفرض ضريبة او رسما الا بقانون، ولكن دأبت حكوماتنا السابقة والحالية، على تجاوز ذلك واصدار القوانين دون تحديد الرسوم، وتركها مبهمة ومفتوحة ليتم تحديدها من قبل الوزير بموجب انظمة مفسرة للقانون.
وهذا ما يحصل مع معظم القوانين، وبالتالي فان الرسوم والضرائب التي تفرض على المواطنين معظمها غير دستورية، ولو تفضل احد نوابنا من المحامين للطعن بهذه الرسوم، ربما لكسب القضية لصالح المواطنين من اول جلسة.
هذا ماجاء ايضا بالمادة رقم (20) من قانون السير رقم 49 لسنة 2008، حيث تركت تحديد الرسوم بالفقرة الاولى من المادة للنظام الذي يصدر لاحقا لتفسير هذا القانون (أ- تحدد الرسوم الواجب استيفاؤها بمقتضى أحكام هذا القانون بموجب نظام يصدر لهذه الغاية) والتي جاءت بنصف سطر وكأن الرسوم موضوعا بسيطا غير ذي اهمية.
وهذا ما تتعمده الحكومات المتعاقبة، لتفادي عرض مثل هذه الرسوم على المجلس التشريعي وهو مجلس النواب ممثل الامة، لمناقشة هذه المبالغ التي تثقل كاهل المواطن، وتتركها الحكومات ليتم تحديدها بموجب انظمة تتحكم هي لوحدها بها، تماما كما حصل مؤخرا بتعديل نظام رسوم ترخيص المركبات، برفعه الى اضعافا مضاعفة، دون الاكتراث الى ماقد يحدثه ذلك من تدمير على صعيد الاستثمار اولا، قبل الدمار الذي سيلحقه بجيب الفرد المواطن.
ان تضخيم رسوم ترخيص المركبات ليصل الى 650 دينار للمركبات الامريكية على وجه الخصوص التي تم اعفاؤها من الجمرك بالسنوات الاخيرة حتى انتشرت بكثرة لدى المواطنين، والان نرفع ترخيصها الى خمسة اضعاف ماكانت عليه، مما يثقل على كاهل المواطن مالكها، فويل له ان احتفظ بها حيث سيضطر للاستدانة سنويا لتغطية الترخيص والتأمين، او انه سيخسر ثلاثة الى اربعة الاف دينار من ثمنها والذي لم يتجاوز اصلا عشرة الاف دينار، اي لايقل عن ثلث قيمتها.
هذا ان نظرنا للفرد المواطن العادي، اما اذا نظرنا الى اخواننا التجار والمستثمرين بقطاع المركبات من الاردنيين او العرب لدينا، ولو كان تاجر واحد لديه ثلاثين سيارة على سبيل المثال من هذه الفئة من المركبات، فهذا يعني خسارة حتمية عليه نتيجة انخفاض اسعار هذه المركبات لاتقل حوالي 150 الف دينار وبتقدير مائتي تاجر من هذا النوع ، فهذا يعني خسارة ثلاثين مليون دينار على هؤلاء التجار، والذي يعني بلغة اخرى ، وكأن حكومتنا تطلب منهم اغلاق مصالحهم وساحاتهم بالمناطق الحرة بالاردن، وتطلب منهم التوجه للعمل في دبي مثلا وسحب رؤوس اموالهم من الاردن لتصديره الى الخارج.
هل هذا ما تريده حكومتنا؟ هل تشجع هجرة رؤوس الاموال الى الخارج، والى اغلاق الاستثمارات المحلية؟ فان كان هذا ما تصبو اليه فقد نجحت، وعليها البقاء وعليها الاستمرار بهذه السياسات العشوائية.
محلل مالي