يبدأ الاردن اليوم خطوة جديدة وحاسمة في تنفيذ خارطة طريق الاصلاح الشامل بتعداد سكاني انطلق لحصره نحو 25 الف شاب وشابة في مختلف مناطق المملكة.
هذا العمل الذي يعد الحلقة الاهم في تكريس العدالة وتوزيع مكتسبات التنمية والاسس التي ستقوم عليها اي استراتيجيات مركزية في التخطيط والبناء لانطلاقة الاردن الجديدة على كافة المحاور، يفرض على الجميع ان يوفر كل السبل لانجاحه.
وما دامت مصلحة الاردن وتعزيز استقراره ونمائه اولويتنا القصوى فالاصل ان ننظر الى هذا التعداد بانه الطريق الرئيسي للوصول الى هذا الهدف، وان المعلومات التي سيقدمها المشمولين الى المكلفين بتنفيذ هذا العمل الاحصائي غايتها فقط تحسين ظروف حياتهم ونوعيتها.
والخطأ الكبير هذه الايام التشكيك بالتعداد السكاني واهدافه، وحماسة التعامل معه يجب ان لا تقل عن تلك التي يختار فيها الشعب ممثليه لمجلس النواب او الاستنفار لدرء خطر يحيق بالوطن واهله. واهمية هذا المشروع الوطني تكمن في تحديد «ما لنا» لاستقراء المستقبل وتمكين الدولة من التخطيط لتوفير متطلبات المجتمع التعليمية والعلاجية والاقتصادية في ظل ظروف استثنائية في المنطقة يتحمل الاردن الجزء الاكبر من تداعياتها خاصة في قضية اللاجئين.
واذا ركزنا الحديث على جزئية اللاجئين في موضوع التعداد السكاني، فهذا كفيل بان يجعل التعداد مطلب نيابي وشعبي، لان الصغير قبل الكبير يعي حجم الضغط الذي شكله هذا الملف على خزينة الدولة ومواردها وتداعياته اللاارادية على عملية التطوير التنموية الشاملة وخطط الاصلاح الاقتصادي تحديدا.
وكلما اشتد الحديث عن ارقام النمو وارتفاع مستوياتها وفق تقارير دولية وفي مطلعها صندوق النقد الدولي، يبقى السؤال قائما عن عدم انعكاس ذلك على مستوى المواطن وظروفه الحياتية، والاسباب التي تجعل هناك جدارا بين هذه الارقام والمستهدف من تحسين نسبها.
وحتى يتمكن الجميع من الحصول على اجابات على هذا السؤال وغيره، تفرض طموحاتنا علينا ان نفتح ابواب منازلنا ومحالنا وشركاتنا وكل مفردة مستهدفة في هذا التعداد للمكلفين بتنفيذه، وان نرحب بهم نشامى ونشميات مثل حرس حدودنا وبواسل جيشنا واجهزتنا الامنية الذين لا ينامون من اجل امننا وسلامتنا وحماية منجزاتنا، لان هدفهم جمع معلومات تسد الثغرات في جبهتنا الداخلية لتوفير ارقام قادرة على وضع استراتيجيات تواجه البطالة بين شبابنا وتدك جيوب الفقر في مختلف انحاء مملكتنا.
اليوم وحتى العاشر من شهر كانون الاول المقبل، ايام حاسمة لفتح افاق التخطيط لتحسين مستويات دخل الفرد، والوقوف على واقع الطبقة الوسطى، ومعرفة المستوى الذي بلغه الفقر، وانهاء الفجوة بين المشرع والمواطن في تحديد الحد الادنى للاجور، وتغيير اسس جذب الاستثمار التي يكون فيها الانسان الركيزة الاساسية لتسريع عجلة الاقتصاد.
التعداد فرصة لكل اردني حتى يتحدث بلغة الارقام عن واقعه ويوجه رسالة الى الحكومة للعمل على تغييره الى الافضل. ايام معدودة كفيلة بان تصنع للجميع مستقبلا افضل.