أخبار البلد -
لا أعتقد أن هذه الحادثة التي صعق كل من سمع بتفاصيلها تعني المعلمين والمعلمات وكل من له صلة بالشان التربوي والتعليمي فقط ، بل هي قضية كل مواطن حر وشريف في هذا الوطن لا يقبل الظلم والأهانة لأخته وعرضه ونحن نحيا في مجتمع تحكمه عادات وتقاليد تضمن للمرأة حقوقها وكرامتها ولا تقبل بأي حال من الاحوال أن يفرط بأي حق من حقوقها كفلها الشرع والدستور لها ، ولكن أيعقل أن يضمن القانون كل الحقوق للمرأة ويستشني منها كرامتها !؟ بالطبع لا يعقل على الإطلاق أن يكون هذا هو واقعنا وإرثنا الذي تربينا عليه منذ الصغر .
هي حكاية سمع بها الشارع الأردني قبل عدة أيام ولمجرد العلم بتفاصيلها لا يملك المرء في نفسه إلا أن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل بهذه العقول والأيادي التي تطاولت وأساءت لكرامة المواطن الأردني ، وليت ما حدث هنا مع زميلتنا حدث عابر كما درجت عليه الظاهرة أو بالأحرى الثقافة المجتمعية الدخيلة على مجتمعنا من حالات الاعتداء على المعلمين في الفترة الأخيرة ! فالواقعة هنا ليست مجرد إعتداء لفظي أو ضرب عابر فحسب ! بل هو ضرب ودوس وشتم بطريقة متوحشة لا يمكن لهذه السطور أن تصف بشاعتها .
هي معلمة في مدرسة تماضر بنت عمر بمنطقة جبل الحسين شاء القدر أن يأتي الى غرفتها الصفية اثناء الدرس أحد أولياء الأمور المستشيطين غضبا لخلافات على ما يبدو بينه وبين زوجته والتي على إثرها جاءت الزوجة لأخذ ابنها والمغادرة به من المدرسة والمعلمة لا شان لها من قريب او بعيد بهذه الحالة الهستيرية التي تعصف بعقل الأب ، ولإعتراضه على مغادرة الأبن مع والدته قرر الأب وبكل بساطة أن يصب جام غضبه على المعلمة ولكن بطريقة إستثنائية ! فتجرأ على ضربها بطريقة عنيفة ورميها أرضاً والدوس على رأسها مرة تلو مرة بشكل جنوني ناهيك عن الضربات الأخرى التي رافقت حالة الغضب ! وعلى إثر هذا الأعتداء الوحشي فقدت المعلمة وعيها ونقلت للعلاج ليتبين إصابتها بإرتجاج في الدماغ ونزيف في قرنية العين وكدمات في معظم أنحاء الجسم !!!!!!!!!!!!
أعتذر إن كان الوصف لما حدث فيه من القسوة ما يدفع القارئ للقهر أكثر من الإستغراب والدهشة ولكن للأسف هذا ما حدث بالفعل ، فهل يعقل وهل يقبل العقل أن تمر هذه الحادثة مرور الكرام دون الثأر لكرامة هذه المربية والأم والمواطنة ؟؟؟ أيعقل أن تنتهي فصول هذه الحادثة بطريقة إعتيادية من جاهات وعطوات ويغلق ملف القضية بصلحة !؟ ، وحسب ما علمته فأن اسرة المعلمة لن يقبلوا بأي حال من الأحوال التفريط بحق أبنتهم ويصرون على ان ينال المجرم عقابا قاسيا على فعلته الدنيئة .
لا أدري ما التصرف الذي كان من الممكن أن يمضي به هذه الأب لو كان القدر سيذهب به الى لقاء موظف أخر بعيد عن التعليم ؟ هل كان سيتصرف بنفس الأسلوب مع الموظف أو الموظفة التي كانت ستقابله بنفس الطريقة ؟ أم أن المعلم والمعلمة بنظر بعض أبناء المجتمع هم مجرد عبيد بنظرهم ولا قيمة ولا كرامة لهم ولذلك تطاولوا واساءوا لها ؟
الامر لم يعد يحتمل على الإطلاق وما زلنا نرحل بين التحليل والتمحيص والحوار والجدال على اعتبار ما يحدث ظاهرة والأخر يقول حالات إستثناءية ! وأخر يقول بالتشريع واخر يقول بالقوانين وأخر يذهب للثأر وكل طرف يفتي بفتواه وفي كل يوم حالة إعتداء ! الى متى ؟؟ ونحن نعيش ثقافة مجتمعية بمعناها الحرفي والصحيح شاء من شاء وابى من أبى .