الاحداث والازمات لا بد وان تحمل في طياتها فوائد ودروس وعبر ليعيد الانسان والمسؤول حساباته ويراجع المسار الذي يسير عليه بخططه واسلوبه واجراءاته فان كان ثمة خطأ فعليه ان يعترف وان يتحمل مسؤولية ذلك وعليه ان يعمل على تصويبه حتى لا يتكرر وليس هذا عيباً بحد ذاته وانما العيب كل العيب التمادي فيه واقناع النفس والاخرين بصوابه وسلامته فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابين ) وعلى المسؤول ان يتحمل مسؤولية ما يحدث جراء أخطائه خاصة اذا كان للاحداث والمصائب التابعة لهذا الخطأ والتقصير بأداء الواجب تبعات ادت الى مصائب واضرار عينية ومادية وبشرية وللتهرب من المسؤولية والتملص منها اساليب واشكال ودهاء محترفيها لينفذوا منها ويحملون الاخرين خطأهم وتقصيرهم او ان يجعلوهم شركاء معهم بالتقصير كذلك يرجع الفشل لاسباب خارج نطاق القدرات المتوفرة لمواجهة الازمة ونطاقها فيجعل من الطبيعة وغيرها مشجباً للتهرب من المسؤولية والمسؤولية حمل ثقيل منبثق عن الامانة التي حملها الانسان في هذا الوجود وشعور بالواجب يوجه تفكير الشخص المسؤول كما يوجه سلوكه واقواله وافعاله فهناك للامانة والمسؤولية معايير مضبوطة بمؤشرات معروفة ترتبط بالقدرة على الانجاز والعطاء والاستعداد لمواجهة الازمات لا العجز والكسل والتهاون كذلك فالمسؤولية تخطيط وبرمجة واستعداد ومتابعة وهنا ينكشف معدن الرجال ومدى الاخلاص في العمل والمسؤول إن اخطأ او قصر في اداء واجبه فعليه ان لا يدافع عن تقصيرة الغير مبرر بل عليه الاعتذار والاعتذار من شيم الكبار وخلق من اخلاق الاقوياء وعلامة من علامات الثقة بالنفس التي لا يتصف بها الا الكبار الذين لديهم القدرة على مواجهة الاخرين بكل ادب وشجاعة والحياة بدون اعتذار ستحمل معاني الندية وستخلق جواً من التوتر القلق بين الناس .
فالاعتذار خلق اجتماعي ويمحو ما قد يشوب العلاقات الانسانية من توتر او تشاحن نتيجة عدم الاعتراف بالمسؤولية عن الخطأ وتبرره بأسلوب غير مقنع والاعتذار ينفي عن صاحبه صفة التعالي والتكبر ويزيل الاحقاد ولان المسؤولين الذين يعتذرون عن تقصيرهم يراعون مشاعر الاخرين خاصة المتضررين ولا يدوسون على كرامتهم والاعتذار مهارة من مهارات الحوار مع الاخرين اكثر مرونة ويلغي الجدل العقيم في الحوار اما ضعفاء النفوس فبدلاً من السعي لتصحيح اوضاعهم ومراجعة انفسهم واعادة استراتيجيات العمل والبناء على ضوء المعطيات التي سببت بتلك الاضرار فانهم يحاولون تبرير اخطائهم وتقديم الاعذار التي يحاولون من خلالها التملص من تحمل المسؤولية وتجميل صورتهم انها سياسة التبرير الغير مقنع والمكابرة ظناً منه ان الاعتراف بالخطأ يهين نفسه ويقلل من مكانته فيلجأ للحيل الدفاعية فهناك من انبياء الله ورسله من قدموا لنا القدوة في المبادرة للاعتذار للتأكيد على انه خلق لا يشين ولا يقلل من قيمة صاحبه منهم موسى عليه السلام فلقد أخطأ عندما وكز الرجل بعصاه فقتله وانه لم يبرر فعلته ولم يراوغ لايجاد المخارج من هذا المأزق ولكنه اعترف بأن ما عمله هو من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين ثم قام ليقدم الاعتذار ويطلب العفو والصفح والمغفرة قال ( رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له انه هو الغفور الرحيم ) القصص .
كذلك بلقيس وامرأة العزيز كلتاهما كانتا تعيش في بيئة وثنية كافرة ولكنهما اعترفا بذنبهما وتابتا ورجعتا عن خطئهما كذلك ادم عليه السلام فلقد اعترف بذنبه عندما أخطأ واكل من الشجرة المحرمة عليه هو وزوجته فلم يراوغ ولم يتكبر ولم ينف لكنه جاء معترفاً بخطئه قائلا ( ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) الاعراف .
فاذا كانت هذه من اخلاقيات الانبياء فلماذا لا تكون ايضاً من اخلاقيات المسؤولين .
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com