زعران الأردن

زعران الأردن
أخبار البلد -  

بداية أقدم اعتذاري إلى  اللغة العربية وقرائها؛ على استعمالي لكلمة غير فصيحة في عنوان المقال، مثلما هو استعمالي لغيرها من الكلمات العامية في بطنها، بل ربما كلمات سوقية بعض الأحيان؛ لكن، هو الأدب الذي يوجب على كاتبه تصوير الواقع كما هو، ويجيز له استخدام اللغة المحكية أحيانا حسبما تقتضيه الضرورة، هذا إن كانت اللغة المحكية (العامية) أيسر السبل للفهم، وإيصال المعلومة إلى المتلقي . وإذا كنا اكرهنا إكراها على استخدام سقط القول وركيكة؛ فليتنا نقف عند ذلك الحد، وإنما أجبرنا زعران الأردن أيضا على ما هو أكبر من ذلك بكثير!

 

    أما مصطلح الزعران؛ فهو كما عرفنا كلمة عامية تستخدم في بعض بلدان الوطن العربي، ومنها الأردن، للدلالة على من يرتكبون الجرائم المختلفة، ويعادون المجتمع . أما الزعران ذاتهم، فهم من يقومون بتلك الجرائم، ويمكن أن يسموا بمسميات أخرى، هي : (البلطجية)، و(الديونجية)، وكلها كلمات تدل على نفس الأشخاص، ونفس الأفعال والصفات .

 

    وقد عرف المجتمع الأردني في الماضي، أسماء كبار من الزعران والبلطجية، كان ذكرهم يرهب الكبار والصغار! فعندما يذكر اسم (أبو شاكوش) أو (أبو مسمار) أو (أبو عنتر)، فالكل يجب عليه أخذ الحيطة والحذر من هؤلاء الأشرار؛ إذ يعرف الرجل الأول بأنه  مجهول يحمل معه شاكوشا كبيرا، يعمد فيه على الاعتداء على المواطنين وسلبهم وإيذائهم . بينما يعرف الرجل الثاني بأنه مجهول أيضا يحمل معه مسمارا ضخما، يعمد به إلى ما يعمد إليه (أبو شاكوش) . في حين يعرف الرجل الثالث بأنه مثال للشخصية المجرمة التي لا تستطيع البقاء خارج السجن أو دون ارتكاب جرم، حتى وان ظلت هذه الشخصية ضمن إطار التمثيل والدراما .

 

    اليوم، اندثرت هذه الأسماء، وانطفئ لهيبها، ليس لأنها ماتت أو اختفت؛ وإنما لأن لهيب زعران آخرين اكبر منهم بكثير، وأكثر حرفة منهم بالجريمة، اخذوا على عاتقهم حرق الأخضر واليابس من الربيع الأردني، حتى غطى لهيب ودخان حريقهم رماد (أبو شاكوش وأبو عنتر) ومن شاكلتهم . فأصبحنا نشاهد، بل نعايش البلطجة والزعرنة والديونة في كل شارع وفي كل محافظة، وفي عقر دار الحكومة نفسها، ولم تعد الزعرنة والبلطجة مقصورة على بعض الأحياء الفقيرة في المخيمات والمناطق الشعبية .

 

    وربما بعد أحداث دوار الداخلية، وما صدم به المجتمع الأردني وشاهده عبر شاشات التلفزه، بدت صورة البلطجة واضحة ومباشرة، وهي البلطجة التي عمل زعران الأردن على إخفائها طيلة سنوات مضت . ولم تكن أحداث دوار الداخلية هي السابقة أو الوحيدة للبلطجة في الأردن؛ وإنما كانت قبس النار التي أضأت على كثير من الجرائم التي ارتكبت بحق الوطن طيلة سنوات العتمة، وكشفت وجوه بعض أولئك المجرمين والزعران الذين اقترفوا تلك الجرائم، بعد أن كان لا يرى إلا طيف خيالاتهم .

 

    اليوم انجلت تلك العتمة، وظهرت هذه الخيالات بهيئتها الحقيقية، وسقط القناع عن القناع، وأضحى الشعب الأردني يعرف زعرانه بالاسم والمسمى، وباتت ما تسمى ب(هيئة مكافحة الفساد) تغص بأسماء المجرمين وعصاباتهم وملفات جرائمهم، وأصبحت الحاجة ماسة إلى سجن جديد يستقبل الأعداد المتلاحقة من قطاع الطرق، ويشرف عليه متخصصون محترفون في كبح الجريمة والسلوك العدواني .

 

    اليوم أيضا، أصبحنا نقارن ما بين زعران الماضي، أو (الزعران الصغار)، وما بين زعران الحاضر، أو (الزعران الكبار)؛ فبينما كان الزعران الصغار يهددوننا جزئيا، بل ويعطونا سابق إنذار قبل الاعتداء علينا من خلال قولهم لنا "ايدك لأبيدك" و "اجرك لأفجرك"؛ يعمل الزعران الكبار على الاعتداء على الشعب من الرأس حتى الرجلين، من لقمة العيش وحتى مكان الاخراج، ومن غير سابق إنذار أو تحذير . وبينما كانت حياة أبو عنتر تنحصر حسب قولة : " من الدار للسجن ومن السجن للدار"؛ تتراوح حياة الزعران الكبار ما بين عمان ولندن وباريس وسويسرا، وما بين نهب الوطن وبيع ممتلكاته تحت مسمى (جلب الاستثمار)، وما بين إشاعة الفساد وطمس هوية البلد تحت مسمى (تشجيع السياحة) . وبينما تظهر شهامة الديونجية الصغار عندما تطلبهم بشيء بقولهم : " على راسي وعلى الكراسي"؛ تظهر خيانة الديونجية الكبار من خلال المحافظة على كراسيهم، وتمثلهم لمبدأ "راسي والكرسي" . وإذ يظهر على الزجاج الخلفي لسيارات بعض الديونجية الصغار، عبارة لطيفة شريفة نصها "علاقتي بلميس إشاعة"؛ ظهرت في السيارات الحكومية وفي المقعد الأمامي بجانب بعض المسئولين ساقطات حقيقيات، مثلما ظهرن في مكاتبهم . وإذا كانت (خاوة) أبو شاكوش ومن مثله لا تزيد عن خمسة دنانير؛ أي ما يقدر بثمن باكيت الدخان وزجاجة المشروب؛ فان (خاوة) الحكومة ترتقي إلى مستوى ضريبة الضريبة؛ لكي تكفي لإقامة الحفلات والرقصات الباهظة التكاليف .

 

    إذا يبدو أننا نعيش أيام حافلة بالجريمة وعلى أعلى المستويات، لم يرد مثلها في الماضي، وأننا أصبحنا نترحم على كل من ذكر بالتاريخ على أنه سفاح أو قاطع طريق أو صاحب حيلة؛ فرحم الله زمانك يا زير سالم، ورحم الله زمانك يا حجاج، ورحم الله زمانك يا أبو زيد الهلالي، ورحم الله زمانك يا أبو الفتح الاسكندري .

 

    ويبدو أننا أمام مجرمين محترفين وزعران كبار لا قبل للزعران الصغار بهم، ولا يشقون غبارهم في الزعرنة والبلطجة، وإذا كنا ترحمنا على سفاحي التاريخ؛ فمن الأولى أن نترحم على من كنا نسميهم في الماضي زعران وديونجية، وأن نراجع نظرتنا لهم مقارنة بغيرهم . فرحم الله زمانك يا أبو عنتر، ورحم الله زمانك يا أبو شاكوش .... (خاوتك يا أبو شاكوش ولا ضريبة الحكومة ! ) .

 

Ebnalss7raa@hotmail.com

 

شريط الأخبار مهم من البنك المركزي بشأن أقساط التأمين والتعويضات الملكة رانيا: نستحق جميعاً نظاماً عالمياً يُقابل جرائم الحرب والانتهاكات بالعواقب لا بالاستثناءات شاهد انفجارات داخل قاعدة رامات دافيد العسكرية في حيفا وفيات الأردن اليوم الأحد الموافق 22/9/2024 وزراء حزبيون في الحكومة الجديدة بسبب مشهد غير لائق مع كلب.. منع عرض فيلم لرانيا يوسف وسمية الخشاب قصف على دير البلح واقتحامات واعتقالات في مدن الضفة الغربية فجر الأحد تتأثر المملكة بكتلة هوائية خريفية تتسبب بتغيرات على حالة الطقس مع بدء الخريف فلكياً ما هي أعراضه.. متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" ينتشر في 27 دولة حول العالم حرائق كبيرة واصابات مباشرة جراء الصورايخ التي أطلقتها المقاومة اللبنانية قرب مدينة حيفا فجر اليوم القضية الفلسطينية بكل محاورها حاضرة في اجتماع الملك مع غوتيريش وفاة طفل غرقًا في بلدة جديتا بلواء الكورة "الوطني للمناهج": النسخة الأولى من الإصدارات تجريبية قابلة للتطوير والتعديل رئيس الوزراء: لن أترك أحداً دون دعم أو مساعدة لتمكينه من النجاح 6 وزراء "دولة" في حكومة حسان.. ما الهدف منهم؟ محللون وسياسيون يجيبون التربية تمنع العقود الورقية للعاملين بالمدارس الخاصة .. وثيقة بالفيديو .. القسام تنشر مشاهد من استيلائها على آلية ومسيّرات للاحتلال خلود السقاف عملت وزارة من لا شيء واستبدالها يؤكد أن الاستثمار مجرد جائزة ترضية مبيضين يرد على منتقدي درس سميرة توفيق 60 ألف حالة زواج في الأردن خلال العام الماضي