أخبار البلد -
يقال ان حيوان القنفذ المعروف بشوكه الكثير على سطح جسمه عندما يشعر بالبرد فأنه يبحث عن اخوانه واقاربه الذين هم من نفس فصيلته ويلتصق فيهما حتى يدفوا بعضهم البعض والمشكلة تكمن في ان الشوك الذي على جسم حيوان القنفذ يجعل عملية تقاربه من ابناء جنسه صعبة ومؤلمة نظراً لانه كلما اقتربوا من بعض فان الشوك الذي على جسمهم يجرحهم فيقرروا ان يبتعدوا عن بعضهم البعض فيشعرون بالبرد مرة اخرى فيقتربوا من بعضهم البعض مرة اخرى وكلما اقتربوا من بعضهم يتوجعون من الشوك فيبتعدوا وهكذا .
عام 1851 الفيلسوف الالماني آرثر شوبنهاور تأمل في موقف حيوان القنفذ واعتبره واحد من معضلات الانسان الاجتماعية النفسية فسماه ( معضلة القنفذ ) حيث شبه فيها موقف الانسان الوحيد بموقف القنفذ البردان شوبنهاور تكلم ان الانسان الوحيد الذي يحس ويشعر باحتياج شديد لأن يقرب من الناس ويتفاعل معهم وان الوحدة تبقى قاسية ومؤلمة بالنسبة للانسان الطبيعي مثل البرد بالنسبة للقنفذ فيقرر ان يعمل مثل القنفذ ويبحث عن ابناء جنسه ليلتصق بهم حتى يدفا والمشكلة والمعضلة ان التصاقه وقربه هذا ما راح يكون مصدر سعادة وراحة له انما العكس سيكون مصدر ألم وتعب لنفسه وللذين حوله فيتولد لديه الضغط النفسي والاحراج وتسوده مشاعر سلبية كثيرة ومتعددة نتيجة هذا التقارب فالانسان كما القنفذ بحكم الطبيعة البشرية .
نظرياً ممكن القنفذ يتخيل ان الحل حتى يتجنب الالم من الشوك ان لا يقرب من قنفذ آخر وان يبقى مبتعداً ولكن سيحس ويشعر انه سوف يموت وحيداً من البرد او ان يقرب اكثر فأكثر من القنافذ الاخرى ويموت من قسوة الشوك والوجع ولكن الفيلسوف شوبنهاور حتى يحل هذه المعضلة اقترح على القنفذ ( مسافة السلامة ) بحيث يختار القنفذ مساحة معينة من السلامة تضمن له الدفء الكافي وفي نفس الوقت اقل درجة ممكنة من الالم يحس فيها رغم ان الصعوبة تكمن في تحديد المسافة التي يجب ان يحددها القنفذ بنفسه لانه لن يجد من يساعده في تحديدها فعليه ان يعتمد على نفسه بذلك ويعتمد على ذكائه والا سوف يعيش منعزلاً .
كثير من المسؤولين لا يشعرون بالدفء في مناصبهم الا اذا كانوا محاطين من اقرب الناس اليهم من اقربائهم او اصدقائهم في مناصب متعددة بالرغم من ان تقاربهم الكثير سيؤدي الى اوجاع كثيرة بسبب الشوك لذا على المسؤول اختيار مسافة السلامة من الجميع بالتساوي وبعدالة مستخدماً ذكاءه ومعتمداً على نفسه ليضمن الدفء الوطني والا فانه سيعاني من عزلة ويعيش منبوذاً في وطنه من الاخرين .
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com