أخبار البلد -
قال تعالى " لقد خلقنا الانسان في كبد " الكبد أي انه قد تم خلق ابن ادم في شدة وعناء فهذه سنة الله في الحياة الدنيا انها دار عناء وابتلاء واصطفاء لرفع الدرجات .
ولما كانت الاسرة هي اول جماعة يتفاعل معها الفرد وتتميز الروابط داخلها بخصوصيتها وديمومتها وملازمتها لجوانب شخصية الفرد وتأثيرها عليه كان لها نصيب من هذا العناء والكبد .
فوجود مشكلات وازمات داخل الاسرة أمر تحتمه طبيعة تداخل العلاقة وديمومتها واختلاف السمات الشخصية لاطرافها وكما تؤثر هذه المشكلات في اطراف العلاقة بشكل مباشر وغير مباشر فان حلها ومعالجتها قد يتطلب مشاركة اطراف العلاقة كما قد يتطلب ان يحصل هؤلاء على مهارات تمكنهم من حل المشكلات المختلفة والمشكلات الاسرية على وجه الخصوص وحتى يتم ذلك لا بد ان يسعى الوالدين لتعلم وممارسة مهارات حل المشكلات وتعليمها للابناء حتى يتم تدعيم تماسك الاسرة بالمشاركة الفكرية وزيادة التواصل العاطفي والعقلي واللفظي واكتساب مهارات التفكير السليم وآلية التخطيط للتغلب على هذه المشكلات والازمات ومن ثم زيادة ثقة افراد الاسرة في ذاتهم وفي قدرتهم على اتخاذ القرارات بصورة جماعية مما يجعل هذه القرارات اكثر منطقية وقبولاً .
كما يمكن ان تعتبر هذه اللقاءات وسيلة للتربية والارشاد واكتساب وتعزيز للقيم والمباديء من خلال الحوار والموعظة وتحذير الابناء من الآفات المجتمعية ومن سلبيات ومخاطر الغزو التكنولوجي بطرح آثاره وانعكاساته السلبية عند الاستخدام الغير سليم لوسائله كل ذلك من اجل ان تسهم هذه الحلول بالاستقرار الأسري والراحة النفسية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) رواه مسلم .
فالانسان ينطوي على امكانات هائلة للتعلم وزيادة المعرفة والوعي والمخزون الثقافي .
ويرى بعض علماء النفس أن أي انسان اذا استنفر نصف طاقته العقلية يمكن ان يتعلم العديد من اللغات والكم الوفير من المعلومات فكل انسان ينطوي اذاً على منطقه وافرة الخصوبة تنتظر من يزرع فيها فسائل الفكر والخير وكما تعجز الوردة عن استنشاق عطرها فان ابناء الاسرة منذ نعومة أظفارهم عاجزون عن تلمس طاقاتهم كما وانهم يتأثرون بالبيئة والمجتمع المحيط بهم .
وعلى الوالدين واجبات في مساعدتهم في العثور على هذه الطاقات لتحديد هويتها بدقة ومن ثم اطلاقها الى اعلى مستويات النجاح وهنا يلعب مدى اهمية تشجيع الاباء للابناء واثارة اهتمامهم وتحفيزهم للعلم والانجاز وتوعيتهم ليكون ذلك مهمة ودور اساسي للاباء في العملية التربوية اي ان للاباء دور هام في التواصل مع ابنائهم في كافة المجالات والتعايش مع مشكلاتهم مهما كان نوعها وان يكون هناك انفتاح اسري للحوار ومناقشة الافكار وتفريغ كل ما يجول بنفس وفكر ابنائهم ليتم توجيههم التوجيه السليم وتوعيتهم من الافكار المتطرفة والافات المجتمعية السلبية وتصحيح اي انحراف فكري او مجتمعي عندهم منذ البداية .
ان الوالدين هما المنبع الرئيسي والاساسي الذي اذا كان عذباً كان الارتواء سليماً والنبت حسناً وان كان المنبع معكراً انبعثت منه اثار سلبية فالابناء يرصدون تصرفات وحركات الاباء فعليهم ان يكونوا مثالاً يحتذى وان يكون التعامل مع الابناء بميزان واحد وبعدل بحيث يشعر بالامان الذي يورثهم الحب بين بعضهم البعض .
فالظلم يزرع الكره والبغيضة وان يكون هناك مرونه لدى الاباء بالتعامل مع الابناء حسب اعمارهم وقدراتهم ومستوى التفكير والحزم عند الحاجة بحيث نبتعد عن التشنج الذي من الممكن ان ينشيء نفسية غير مستقرة لدى الابناء فكثير من الابناء مجادلين معاندين حتى تتحقق الرغبة في الشيء وكثيراً ما يكون مخالف لدى الابوين ذلك الشيء فلا بد من التحلي بالصبر وسعة الصدر في عرض وجهات نظرهم ومحاولة الاقناع دون الارغام وان يعبر عن رأيه دون صدمه .
كل ذلك بعد ان شاهدنا الكثير من الظواهر السلبية لعلاقة الاباء والابناء وجرائم القتل الغريبة على قيمنا ومبادئنا واخلاقياتنا التي تحدث بين افراد الاسرة الواحدة اما تشنجاً او بسبب عدم العدالة بالتعامل او طمعاً بالمال كذلك ما شهدناه من انحراف واضح للشباب دون موجه او رقيب او حسيب عقلاني وفي ظل وجود جماعات متطرفة تريد ان تستحوذ على عقول الشباب كما وان حالات الانتحار في تزايد ملحوظ بسبب الكآبة واليأس وفقدان الامل في بناء مستقبل ورؤية واضحة المعالم ان كل هذه الظواهر وغيرها يجب ان يتم معالجتها ابتداءاً من الاسرة ودور الابوين في ذلك ومدى اكتسابهم للمهارات والسلوكيات التي تمكنهم من التغلب عليها بكل عقلانية .
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com