كنا نعتقد بأن الوقت قد حان و بأن الفرصة قد اصبحت مواتيه لفرط مسبحة الفساد في الأردن ، وبأن حباتها المتماسكة والمتراصة منذ عقود اصبح من الممكن لها أن تتدحرج واحدة تلو الأخرى في مشهد كان سيسجل كتاريخ ميلاد جديد للأردن و كبداية لعهد جديد من الاصلاح و مكافحة الفساد .
اعتقدنا بأنها ستتفكك تحت مطرقة المسيرات والاعتصامات والحراك السياسي الناشط في كل مكان، وتحت إرادة الإصلاح ومكافحة الفساد الحكومية التي حاولنا إيهام أنفسنا بأنها حقيقة هذه المرة، ولكن بات في حكم المؤكد بعد ما يقارب الثلاثة أشهر من الصحوة الشعبية بأن هذه المسبحة أقوى وأقسى من أن تتهاوى وينفرط عقدها تحت مطرقة المسيرات الضعيفة والخجولة وتحت إرادة الحكومة الكاذبة وغير الصادقة والمراوغة والتي استعانت بهيئة مكافحة الفساد ليؤدي دور الكومبارس في مسرحيتها الهزلية والتي يبدو بأن دولة البخيت سيضيفها إلى أرشيف مسرحياته السابقة المشهورة كالانتخابات والكازينو ولكن بإخراج و سيناريو و بطولة وممثلين جدد .
لم يخرجوا علينا بأي جديد سوى بيانات وتصريحات لا تعدو كونها حبر على ورق، فكل يوم نسمع عن تحويل قضايا وعن استرداد مبالغ وأراضي ولا نرى أي مجرم، فالجريمة في الأردن ولله الحمد بلا مجرم وهذا انجاز وتفرد يضاف إلى انجازات الشعب الأردني الذي سطر أجمل أنواع الركوع والذل والهوان وأدخل طرق جديدة وأساليب مبتكرة في محاربة الإصلاح تتقدم على ما رأيناه في مصر وتونس.
يبدو أن مسبحة الفساد لا تزال حباتها متراصة وقوية وغير قابلة للتدحرج حتى الآن لا بل إنها تتماسك وتتزايد في هذه الأيام رغم كل الحراك فمن تهريب خالد شاهين إلى تعيينات الخارجية التوريثية إلى نجاح الفاسدين وأعوانهم من الجاهلين في إيقاف تقدم الإصلاح وإدخال الشعب في دوامة الفتنة والوحدة الوطنية وأعتقد بأنها ستبقى كذلك وتزداد بوجود مطرقة حكومية مصنوعة من ريش النعام وسندان شعبي نخره الفاسدين بمساعدة أبواقهم وأعوانهم من المرتزقة والعابثين وقطعان الجاهلين.
و يبقى الاصلاح في الاردن مؤجل الى اشعار اخر ، اشعار قد يقصر وقد يطول امده ، واصلاح يبدو ان مفاتيحة بيد الشعب و هو من يجب عليه ان يقرر و أن لا يعول كثيرا على حكومة كان اخر تصريحاتها يوم امس بأنها تجهل تواجد سجين محكوم تم تسفيرة بداعي العلاج الى امريكا و اذ به يتجول في مطاعم اوروبا علما بانه لم يحصل على تاشيرة من السفارة الامريكية ، فاصبح من الواضح للقاصي و الداني حجم هذه المؤامرة و بأن هذه الحكومة عاجزة كل العجز عن التقدم و لو قيد انمله ، ومن ينتظر منها شيئا فهو كمن ينتظر من الديك ان يبيض ومن الثور الحليب .