يحمل الوسط الفنى فى داخله وعلى أصعدته وجوانبه الإنسانية والمهنية المختلفة قدرًا كبيرًا من المفارقات والتفاصيل الغريبة، ولا يمر يوم دون تداول خبر أو حدث أو حديث يحمل جانبًا من جوانب هذه المفارقات ويثير الدهشة والاستغراب وعلامات الاستفهام، ما بين أعمال ومشروعات فنية وعلاقات إنسانية وارتباطات وانفصالات ومناسبات وأفراح وأحزان، وأيضًا جرائم قتل.
رغم ما يتمتع به الوسط الفنى من تماسك وانغلاق على أعضائه وفنانيه بشكل ما، لم يعصمه هذا من مشكلات ومفارقات الواقع، ومن الوقوع تحت حدّ سكين العاديين من الناس ومن يقعون خارج دائرة الفن، وهو الأمر الذى يتجسد واضحًا وقويًّا عبر قصص الفنانين والمبدعين الذين ماتوا مقتولين، وفى ظروف غامضة وغريبة ومثيرة للشكوك، وهنا نستعرض أشهر هذه الحوادث وأبرز ضحاياها.
الفنان يوسف العسال
يوسف العسال آخر ضحايا الوسط الفنى المقتولين بدافع السرقة، رحل يوسف العسال عن عالمنا يوم 19 نوفمبر عام 2014 فى ظروف غريبة ومثيرة للتساؤلات والريبة، إذ وجد مقتولاً فى منزله بحى مصر الجديدة، إثر اقتحام بلطجية ولصوص للمنزل واعتدائهم عليه.
يوسف-العسال
اشتهر الفنان يوسف العسال بدءًا من منتصف السبعينيات، وكانت بداية شهرته من خلال تجسيد دور الأجنبى، وهو ما ساعده عليه شكله ومعرفته الكبيرة باللغتين الإنجليزية والفرنسية، ومن أشهر أعماله السينمائية: العمر لحظة، وآخر الرجال المحترمين، كما قدم يوسف العسال عددًا من الأعمال التليفزيونية المهمة منها: أماكن فى القلب، وسرايا عابدين.
المخرج نيازى مصطفى
قدم المخرج نيازى مصطفى عددًا كبيرًا من الأعمال السينمائية التى ما زال كثير منها حاضرًا فى ذاكرة ووعى المصريين، وقد بلغ عدد أعماله نحو 152 فيلمًا، أغلبها يرتبط بالمطاردات والعنف والحركة، إذ يعتبر واحدًا من رواد أفلام الحركة، وكان آخر أعماله قبل وفاته فيلم "القرادتى” للفنان فاروق الفيشاوى.
رغم مشواره الفنى الطويل والملىء بالنجاحات والعلامات الفنية، لم يسلم من الأعداء والمناوئين والكارهين، الذين تربصوا به حتى تمكنوا من قتله، إذ عثر على جثة نيازى مصطفى فى شقته بحى الدقى بمحافظة الجيزة يوم 19 أكتوبر عام 1986.
نيازى-مصطفى
الغريب أن فريق البحث الجنائى لم يفك لغز الأمر ولم يكتشف تفاصليه الغامضة، ولم يجد أيّة بصمات للقاتل، بسبب العبث بمسرح الجريمة، وهو ما صعّب القضية، وكان السبب فى هذا أن شقيق المخرج قد حاول بحسن نية حمل الجثة إلى السرير بمساعدة الطباخ، ولذلك اضطر فريق البحث بعد معاناة طويلة مع تفاصيل القضية ومسرح الجريمة إلى تقييد الحادث ضد مجهول.
الفنانة وداد حمدى
عُرِفت الفنانة الراحلة وداد حمدى بأنها أشهر خادمة فى تاريخ السينما المصرية، ولعلك لن تجد أحدًا لا يذكرها أو يذكر لها دورًا أو جملة أو تعبيرًا لطيفًا، خاصة وأنها قد تميزت بخفة ظل كبيرة وطلاقة وطبيعية على الشاشة، ولكل المقومات التى تمتعت بها كانت قاسمًا مشتركًا وضيفًا حاضرًا فى أفلام أغلب نجوم الفن فى وقتها، لهذا بلغ عدد أفلامها نحو 300 فيلم.
وداد حمدى
البداية الفنية كانت فى العام 1943 حينما قدمها المخرج نيازى مصطفى فى فيلم "رابحة”، وطوال مشوارها الفنى لم تقدم وداد حمدى أيّة بطولة مطلقة، أما عن حياتها الشخصية فقد تزوجت ثلاث مرات، وفى 26 مارس 1994 قُتِلت على يد الريجسير "متى باسليوس”، الذى طعنها بالسكين طمعًا فى مالها، وقد ألقى القبض عليه وحكم عليه بالإعدام شنقًا.
الفنانة فاتن فريد
الفنانة فاتن فريد واحدة من الوجوه المألوفة والمريحة ضمن سجلات الفن والفنانات المصريات، وخاصة مع تمتعها بصوت جميل ومميز، وخلال رحلتها الفنية قدمت عددًا من الأفلام السينمائية مع كبار نجوم مصر، ومن أشهر أفلامها نذكر "وحوش المينا” مع وحش السينما الفنان فريد شوقى والفنانة بوسى وفاروق الفيشاوى، وأيضًا فيلم "امرأة تدفع الثمن” مع فريد شوقى ومحمود ياسين، وكانت فاتن فريد تعتمد على صوتها بدرجة أكبر من اعتمادها على التمثيل، نظرًا لأنها مطربة فى الأساس.
الفنانة فاتن فريد
أما عن قصة قتلها، ففى يوم 15 فبراير عام 2007 قُتلت فاتن فريد غدرَا، وذلك عبر طعنها عدة طعنات فى صدرها بآلة حادة، وتم القبض على الجانى عقب الحادث، وتبين أنه يعمل موظّفًا فى محطة بنزين يملكها زوج فاتن فريد.
المطربة التونسية ذكرى
رغم أنها لمعت وانطفأ نجمها سريعًا، إلا أن الفنانة ذكرى واحدة من العلامات الغنائية المهمة والفارقة فى تاريخ تونس ومصر، وفى تاريخ الوطن العربى بأكمله، وذلك لما تتمتع به من صوت جميل وقوى وحس فنى كبير ومختلف، وكان أكثر ما ميّز ذكرى خلال رحلتها الفنية غير الطويلة هو أنها تستطيع الغناء بأكثر من لهجة عربية بنفس الجودة والإتقان.
ذكرى
رحلت الفنانة الجميلة والمطربة الاستثنائية ذكرى يوم 28 نوفمبر 2003، وكان رحيلها المفاجئ بمثابة الصدمة التى وقعت على رؤوس وفى نفوس جمهورها ومحبيها على امتداد الوطن العربى، وخاصة مع ما أحاط بهذا الرحيل من غرابة وعلامات استفهام، إذ إنها قد قُتِلت غدرًا على يد زوجها رجل الأعمال المصرى أيمن السويدى، الذى أطلق عليها النار حتى أرداها قتيلة ثم انتحر هو الآخر.
المطربة اللبنانية سوزان تميم
آخر من نستعرضهم فى قائمة الفنانين الذين ماتوا مقتولين فى ظروف غامضة ومثيرة للدهشة، الفنانة والمطربة اللبنانية سوزان تميم، التى قدمت عددًا من الألبومات الغنائية والأغانى المنفردة خلال رحلة فنية استمرت لعدة سنوات، وسجلت "تميم” آخر ألبوماتها الغنائية مع شركة عالم الفن قبل وفاتها بشهور، وكان توقيع كليب آخر أغنياتها "يصعب عليا” من نصيب المخرج هادى الباجورى، وتم تصويرها فى سويسرا.
سوزان تميم
لقيت الفنانة سوزان تميم مصرعها فى شقتها فى إمارة دبى بدولة الإمارات العربية المتحدة، إذ عُثِر عليها مقتولة فى شقتها فى 28 يوليو عام 2008، وتوالت التحقيقات فى تلك القضية لتنتهى بالقبض على ضابط أمن الدولة السابق وضابط الأمن المدنى فى أحد الفنادق، محسن السكرى، الذى اعترف بتقاضيه مبلغًا كبيرًا من المال مقابل قتل سوزان تميم، وقد انتهت القضية بمعاقبة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، ومعاقبة محسن السكرى بالسجن المؤبد 25 عامًا.