بسم الله الرحمن الرحيم
مفعول به مقدّم رَكبَ الطائرةَ وزيرٌ .. ركبَ فعل ماضي غير ناقص حيث الأفعال الناقصة هي "خص نص " عصابة كان و أخواتها .. الطائرةَ مفعول به مقدّم منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره .. وزيرٌ فاعل نكره مؤخّر مرفوع بأموال الشعب الظاهرة نعمتها على وجهه. وزيرٌ فاعل مرفوع نكره مؤخّر, هذا في الإعراب .. أمّا في وزارة التعليم العالي فالوزير معرّف و معروف و راكب مؤخّر على الدرجة الإقتصادية في الطائرة المسافرة إلى الصين. دُعيَ وزير التعليم العالي " حقّنا " الحالي لحضور اجتماع هام في بيكين من قبل الحكومة الصينية , و قامت الحكومة الصينية مشكورةً و على نفقتها الخاصة بحجز مقعد للوزير على الدرجة الإقتصادية في الطائرة المتوجّهة إلى بيكين بتذكرة ثمنها 900 دينار تقريباً. وزير التعليم العالي " حقّنا " لم يُعجبه أن يكون مقعده في الطائرة على الدرجة الإقتصادية فأصدر فوراً أوامره إلى من هم تحت يده بمخاطبة الحكومة الصينية لتغيير مقعده في الطائرة و تقديمه إلى درجة رجال الأعمال , " لزوم الفشخرة أو حفاظاً على هيبة الوزير كما يقول البعض ".
ردّت الحكومة الصينية على خطاب وزارة التعليم العالي بالأسف و الاعتذار لعدم إمكانية الاستجابة لطلب الوزير لأنّه لا يمكنها مخالفة القانون و التعليمات المعمول بها. غضب الوزير " حقّنا " من هذا الاسلوب الصيني " الجلف " في التعامل الرسمي و أظهر امتعاضة عند سماعه لهذا الجواب فأصدر أوامره إلى من هم تحت يده بأن يحجزوا له مقعداً في الطائرة على درجة رجال الأعمال و يدفعوا الفرق المطلوب ثمناً للتذكرة من أموال الوزارة " عفواً, من أموال الشعب " و كان المبلغ الإجمالي أكثر من 2000 دينار تقريباً .. و تمّت العملية بنجاح. حصلت على هذه المعلومة من داخل الوزارة و عسى أن تكون غير صحيحة, و مع أن المبلغ " المفسود " لا يتجاوز 1300 دينار تقريباً و يرى البعض أن هذا المبلغ لا قيمة له إذا ما قيس بهبشات الفاسدين ذوي الخبرة, في حين يرى البعض الآخر أن الوزير قد خرق المبدأ. حتى الآن أنا لا أدري إن كان هذا العمل يُعتبر فساداً أم لا بنظر حكومتنا, لذلك أطلب من الإخوة العاملين في هيئة مكافحة الفسـاد أن يُحقّقوا في هذا الموضوع, فإذا ما صحّت المعلومة فهم أصحاب الحق في اعتبار هذا العمل فساداً أم أنّه شيءٌ آخر له اسم آخر. و لأن الشعب الأردني له رأيٌ يختلف في كثير من الأحيان عن رأي هيئة مكافحة الفساد " غير المنتخبة " و المعينة تعييناً من قبل الحكومة, فإنّي أنصح الوزير المحترم بتقديم استقالته و أن يدفع من جيبه الخاص المبلغ المفسود الذي تسبب في فقدانه من أموال الشعب " لزوم الفشخرة " و قد كان بإمكانه أن يدفع هذا الفرق في ثمن التذكرة من جيبه الخاص ما دام حريصاً على هيبته الخاصّة, خصوصاً و أنّه مليءٌ مالياً, حيث كان رئيساً للجامعة الألمانية و تسبب في إقامة عدّة احتجاجات شعبية و اعتصامات شبابية لأبناء المنطقة أمام الجامعة بسبب سياسته المنحازة و التي اعتبرها المحتجّون حينئذ فساداً. إن تقديم الوزير لاستقالته و عودته إلى بيته سالماً ربما يكون طاقة فرج و أحسن له بكثير من أن تفتح هيئة مكافحة الفساد ملفّات الوزارة في الجوانب الأخرى أو ملفّه السابق في الجامعة الألمانية .. هذا إذا ما أحسنّا الظن في الهيئة .. كان الله في عون الأردن و كان الله في عون الشعب الأردني