أخبار البلد- أ.د نضال يونس
الاهتمام غير العادي بتغيير مجلس التعليم العالي الجديد يضعنا في آفاق الوعي الاكاديمي العام بإدراك مهمات القادمين، وأن الارادة الملكية السامية تُعطى لمن يستحقها فى مجال القيادة والادارة وخدمة الصالح العام ، وهى بالأساس حافزً لأن يكون العمل المخلص وسيلة التقويم والتكريم حتى إن جلالة الملك عبد الله الثاني قال في رسالة وجهها إلى رئيس الوزراء عندما أمر بتشكيل لجنة وطنية لتنمية الموارد البشرية، انه لا بد من «اعداد جيل من الشباب القادر على التفكير المستنير والتحليل والإبداع والتميز، والمدرك لحقوقه وواجباته، والحريص على المشاركة الإيجابية والمثمرة «، وهو أهتمام القائد الكبير بابنائه ، وبنفس الوقت المراقب الدقيق لكل ما يجري في بلده..
أمام مجلس التعليم العالي الجديد تحديات كبيرة في تنفيذ ومتابعة خطط واستراتيجيات تطوير التعليم العالي، التي يجب أن تضع الوزير قبل المجلس أمام مسؤولياته في مواجهة إدارته ومتطلباتها، فليس تنقصنا الكفاءات وإنما توظيفها في مجالها الصحيح، أي أن التحديث والتطوير والنهوض بمستوى التعليم والبحث العلمي والاهتمام بالأداء هو المهم فى المرحلة القادمة، قبل أن تكون المصلحة قيداً وعائقاً، والذهاب لخلق العوائق كما رأينا وشهدنا في الاشهر الماضية أن أدوار بعض اعضاء المجلس «تعطيلية» لدرجة أن المتابع لما كان يدور فى اروقة المجلس لم يعد يعطي الاهتمام للتصريحات والإنجازات والتعليقات على المواقع الالكترونية عن صقور المجلس السابق، الذين أصروا على ترشيح انفسهم لرئاسة الجامعات الاردنية، ولعل التقيد بأمانة العمل ومبادئ الديمقراطية جعل وزير التعليم العالي يتخذ خطوة «جريئة» فى حل المجلس لمواجهة الازمات المتلاحقة ومباشرته في التعاطي معها من دون التفاف عليها، وهذه حقيقة تكشف عن الفارق بين أشخاص أثبتوا وجودهم بالعمل الميداني لا أسلوب «المعظم نفسه»، الذي يعيش على التنظير وتوجيه الاتهامات للاخرين.
لا عذر لأي شخص قيادى سواء أكان بدرجة وزير أم رئيس جامعة أم عميد أم عضو لجنة طالما الدولة اعتمدت النزاهة والشفافية فى عملها، وسهلت المهمات ومنحت الصلاحيات، ولذلك نحتاج لمراقبة عمل المجالس واللجان وتغيير اعضائها متى لزم الامر حين تصبح العضوية غاية لتحقيق مآرب خاصة لا مسؤولية أدبية وأمانة..
اعضاء مجلس التعليم العالي الجدد يحملون ذات الكفاءات، ومر الكثير منهم في مواقع ادارية متعددة، أي أن الخبرات لدى الجميع موجودة وتبقى الجدية والإبداع والتخلص من «الانانية» باعتبار أن المهمة القادمة للمجلس أمام اختبار الوسط الاكاديمي المراقب ، تفرض أن نرى اتجاهات تتناغم مع أداء وزير التعليم العالي، الذي يحاول جاهدا احداث نوع من التطوير والإنجاز، وهذا لا يعني التقليل من دور المجلس السابق، وإنما خلق المنافسة بأن نرى عملاً يليق بمسيرة التعليم العالي ودوره فى بناء الوطن و الأمة، وتفكيك التعقيدات والمماحكات التي طبعت أعمال المجلس السابق، وأصبحت مثار استهجان الجميع بالمراوحة تارة او التشكيك فى قدرات الاخرين تارة اخرى.
لا بديل عن التفاؤل فى المرحلة المقبلة، ولا أحد يشكك بصدق النوايا، لكن رسالة الملك عبد الله الثاني لرئيس الوزراء وتأكيده على ضرورة «المشاركة الإيجابية والمثمرة» هي جوهر المهمات والوصية الصادقة لأننا نحتاج الإخلاص ليس في تحقيق المآرب الخاصة وإنما في وجود النماذج التي تحتذى في السلوك والصدق الأمانة لأننا جميعاً أمام مسؤولياتنا تجاه الوطن والمواطن، فالمناصب تكبر بعمل أشخاصها المخلصين، أو تصغر بسوء أدائهم وأنانيتهم المفرطة، ونرجو ان تكون الارادة الملكية السامية باعادة تشكيل مجلس التعليم العالي قد حمّلت الأمانة لمن يستحقها حتى تكون الأعمال بمستوى التطلعات.