أخبار البلد - محمود الزيودي
في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي كانت حدودنا تغلق مع سورية والعراق حسب المزاج الثوري لرجال الانقلابات في البلدين… كانت الذراع المؤلمة التي يلوونها للأردن ميناء بيروت واللاذقيّة… إذا أغلقت الحدود توقف الاستيراد والتصدير عبر البحر الأبيض المتوسط وتوقف تدفق المشتقات النفطيّة (قبل إنشاء مصفاة البترول) من لبنان والعراق… كان المغفور له الملك الحسين بن طلال يفكر بالمستقبل… طيّب كلما دق الكوز بالجرّة تختنق البلد ؟؟؟ حث الحكومات (قصيرة العمر) على انجاز طريق عمان معان العقبة وإنشاء الميناء في المنفذ البحري الوحيد… بلغ من اهتمام الملك بالعقبة انه هدَّد الحكومة بالسكن في غرفة قرب الشاطئ حتى يكتمل تعبيد الطريق وتصطف البواخر على رصيف التحميل والتنزيل… نفّذ تهديده بزيارة العقبة من حين لآخر بالسيارة مع وزير الأشغال العامة ووزراء آخرين… عام 1960 سافر بسيارته على طريق الإسفلت من عمان إلى العقبة وفي العام نفسه بدأ التخطيط لإنشاء مصفاة البترول… من طرائف تلك الفترة أن سائقي الشاحنات التي تجلب الواردات من العقبة كانوا يوظفون مرافقا مع كل شاحنة وظيفته الجلوس في مؤخرة الشاحنة في الليل لطرد اللصوص الذين يستغلون بطء الشاحنة على الطريق الترابي ويتشعبطون ويرمون من الحمولة ما يقدرون عليه، بينما السائق مشغول بمتابعة الطريق وتجنب الحفر والصخور… أصبح ميناء العقبة محطة استيراد للمملكة والعراق حتى أن طرقا فتحت من الرويشد لتشبك مع طريق العقبة الذي طوّر إلى أربعة مسارب… منذ ثلاثة أعوام دق الكوز بالجرة وارتفع صوت جرس الإنذار بإغلاق الحدود السوريّة… أي مراقب لتطور الأحداث في سورية كان سيتنبأ بما حدث. حتى خراب المنطقة الحرة بين نصيب وجابر… كل هذا أدى إلى الضغط على ميناء العقبة.. تكدست الحاويات ووصلت طوابير السيارات الشاحنة إلى كيلو مترات وفسدت بضائع… الآن.. فكرت إدارة شركة تطوير العقبة بتوسعة الميناء بزيادة 700 دونم لمضاعفة ساحة ميناء الحاويات وزيادة حجم المناولة للصادرات والواردات… وللاستعجال وزعت العطاءات على المتعهدين المحليين… الخ . سخر أجدادنا البدو من الفارس الذي ترك فرسه ترعى الشيح والقيصوم مع الغنم وحينما جاء النذير بالغارة قدم لها الشعير… قالوا… العليق عند الغارة لا ينفع.