يستمر اللاجئون السوريون في الأردن بمواجهة تحديات
هائلة ومتزايدة، الأمر الذي يؤدي إلى مخاوف خطيرة تتعلق الحماية والحاجات
المتزايدة، كما تشير دراسة جديدة من منظمة "كير" العالمية؛ ويشير التقرير
"خمس سنوات في المنفى"، إلى تدني مستويات المساعدة والحصول على الخدمات،
وانعدام سبل العيش المستدام، وإجراءات التسجيل المعقدة كعوامل تسهم في تعميق الصعوبات
التي تواجه حوالي 630,000 لاجئ مسجل في الأردن.
وتقول سلام كنعان، مديرة منظمة كير في الأردن: "اننا نشهد أدلة متزايدة على أنه بعد خمس سنوات
من الصراع، فإن عدداً متزايداً من اللاجئين السوريين قد استنفدوا سبل عيشهم. وبين
كل ثلاث عائلات، تعيش عائلتان على الأقل في عوز، ونخشى أنه بدون زيادة المساعدات الدولية،
ستتسارع دوامة تعميق الفقر مع تأثير دائم على كل من اللاجئين والمجتمعات المحلية
". .
ويستند التقرير الجديد لمقابلات مع 1300 أسرة سورية تعيش في المناطق الحضرية
في الأردن. وبناء على تقييمات سنوية أجريت منذ عام 2012، يحدد التقرير الاتجاهات والتحديات
التي تواجه اللاجئين، وأولوياتهم، وآليات التعامل والعلاقات مع المجتمعات المضيفة.
ومن الملفت للنظر أن نصف الأسر السورية التي تمت مقابلتها قالت بأن حالتهم العامة تدهورت خلال العام الماضي. ويبقى عدم القدرة على دفع الإيجار هو ضمن أكبر مخاوفهم ، ومع 8 من أصل 10 أسر تشعر بالقلق حيال موضوع السكن؛ فإن 6 من أصل 10 أسر تفتقر إلى المال لشراء ما يكفي من الطعام، وقد ازدادت هذه النسبة منذ العام الماضي، نتيجة للتغيير في برامج دعم الغذاء من قبل برنامج الأغذية العالمي.
لا يزال الافتقار لدخل ثابت ووظائف قانونية مشكلة جوهرية للاجئين السوريين؛
وفي حين أن بعض العائلات كانت حتى الآن قادرة على توفير الموارد اللازمة لتغطية الفجوة
بين الإيرادات والمصروفات، إلا أن الغالبية لجأت للاستدانة، أو اعتماد آليات غير
مرغوب بها للتعامل مع هذا الوضع كعمالة الأطفال ، أو عدم إرسال الأطفال للمدرسة
وإبقائهم في المنزل لتوفير نفقات النقل والزي المدرسي والكتب والقرطاسية. في حين
استمرت الأسر التي ترأسها نساء، والتي تشكل 28٪ من الأسر التي شملتها الدراسة، بمواجهة
عوائق إضافية في توفير سبل العيش، مع استمرارها في نفس الوقت بتأدية دورها بالعناية
بالأسرة والأطفال.
وقد تحسنت فرص الحصول على التعليم إلى حد ما منذ عام 2014، ولا يزال ثلث
الأطفال في سن الدراسة خارج المدرسة، مع تأثر الأولاد أكثر من الفتيات، وتعتمد عشرة
في المائة من الأسر على عمالة الأطفال كمصدر للدخل. و على الأقل، فان نصف الأطفال السوريين
العاملين قالوا بأنهم فقدوا الفرصة للالتحاق بالمدرسة، ما يعني بأن العمل هو عامل مهم
يسهم في انخفاض معدلات الالتحاق بالمدارس.
ووجد التقرير أيضاً أن عدداً متزايداً من اللاجئين السوريين
غير قادرين على الاستفادة من أو الوصول لخدمات الحماية والمساعدة القانونية، حيث أدخلت
السلطات الأردنية منذ منتصف عام 2014 سياسات جديدة لتسجيل اللاجئين لدى الحكومة والمفوضية
السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مما جعل الأمور أكثر صعوبة على اللاجئين للاستقرار
خارج مخيمات اللاجئين المعترف بها. ولا يستطيع اللاجئون غير المسجلين الحصول على الخدمات
الصحية وغيرها من المساعدات، كما يعيشون في خوف دائم من الاعتقال.
كما هو الحال في تقييمات "كير" السابقة، أبلغت العديد من الأسر عن صعوبات في التعامل مع تجربة العنف
والتشريد، والتوتر المرتبط بها. "هناك نقص في الفرص وأماكن اللقاء بين الأولاد
والبنات وبين النساء والرجال. إنهم غير قادرين على الخلاص من ظروف السكن المكتظ، مسكونون
بعدم اليقين بشأن المستقبل، والقلق المستمر حول العائلة والأصدقاء في سوريا "
تقول السيدة كنعان. "وهذا يضيف ضغطا كبيرا على الناس المعرضين لهذه الظروف الذيناصلاً لا يستطيعون تلبية بعض الاحتياجات الأساسية لأسرهم".
توجد تباينات هامة في تأثير الحرب والنزوح على اللاجئين، وبشكل خاص وفقا للنوع الاجتماعي والعمر كما يخلص
إليه التقرير. اضطر الكثيرون للقيام بأدوار جديدة، مع عدد متزايد من النساء وأحياناً
الأطفال ممن اضطروا للمساهمة في دخل الأسرة. وعانى الرجال وكبار السن أحيانا من خسارة
موازية تتعلق بفقدان وضعهم الاجتماعي. يشعر كثير من الآباء بالقلق بشكل خاص حول سلامة
و" شرف " بناتهم، ما أدى إلى منع الفتيات من الخروج من المنزل، وتزويجهن
قسراً في بعض الأحيان. ولا تزال النساء والفتيات المراهقات عرضة لخطر متزايد من مختلف
أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي.