اخبار البلد - محمد علاونة
لا يعتبر الاقتصاد الأردني من الاقتصادات الكبرى، هو في النهاية يعتمد على المنح والمساعدات وإن كانت القروض تثقل كاهله بين حين وآخر بسبب خدمة الدين من فوائد ورسوم، مع عدم وجود مشاريع انتاجية تمولها تلك القروض تأتي بإيردات نقدية وتشغل عمالة.
الناتج المحلي الاجمالي يترواح بين 23 و26 مليار دينار، لا يوجد رقم دقيق، بسبب انعدام المعطيات الحقيقية لحساب ذلك الناتج وأحيانا يرتفع لغايات خفض نسبة الدين العام في محاولة وهمية لتقليل المخاوف، كما يحدث في حسابات التضخم والبطالة.
لكن الأردن كان من المتأثرين بأزمة اقتصادية عالمية في 2008 بعد مشاكل في البنوك الامركية والذي انعكس على اقتصادات العالم كافة، وما زالت آثارها حتى يومنا هذا وإن كانت أكثر بروزا في الديون المعدومة وشح السيولة وتشدد البنوك في منح التسهيلات، علاوة على الانعكاسات التي أثرت في قطاعات الصناعة والسياحة.
اليوم تلوح في الأفق مخاوف من أزمة اقتصادية عالمية جديدة بسبب إعلان اليونان إفلاسها وتخلفها عن سداد الديون، وبالتالي خروجها من الاتحاد الأوروبي، في حادثة هي الأولى من نوعها منذ إنشاء الاتحاد، ما ألقى بظلاله على أسواق المال التي هبطت بشدة خلال ساعات.
لا يمكن تجاهل العامل النفسي الذي يلعب دورا مهما في هكذا أزمات مع وجود تطمينات أوروبية بأن الأزمة سيتم احتواؤها كما حدث في السابق، لكن من الأهمية بمكان القول إن الأزمة حاصلة ويمكن أن تمتد شهورا وستنتشر قريبا على الأقل في اقتصادات دول الخليج التي تستثمر المليارات في تلك الأسواق.
بالنسبة للاردن فوضعنا لا نحسد عليه بفعل أحداث الاقليم واغلاقات الحدود، والمؤشرات الرئيسة مثل الديون وعجز الموازنة، بل يمكن القول إننا لن نلحظ تلك التأثيرات المباشرة بسبب الوضع المتردي أصلا، في نفس الوقت يمكن أن يزيد الوضع سوءا.
مرة أخرى تظهر على السطح أسئلة بشكل مباشر عما فعلته الحكومات في التقليل من الديون وتخفيض عجز الموازنة، بل ماذا فعلت في موضوع المنح الخليجية وتمويل مشاريع مجدية، ليس اخيرا ما الذي طرأ على مشاريع الصخر الزيتي والطاقة النووية واستكشافات النفط والغاز، وغيرها.
للتذكير الأردن تأثر بشكل مباشر في موضوع المساعدات والمنح حتى القروض مع الأزمة السابقة بعد أن تأثر الغرب بها وطالت دول الخليج، مع وجود عامل مهم إضافي وهو انخفاض أسعار النفط، لذلك لا يمكن استبعاد أن تكون آثار هذه الأزمة مضاعفة.
ينشغل العالم بشكل عام والأردن بشكل خاص في حملات ضد «الارهاب والتطرف»، خوفا من القلاقل وانحسار الأمن والأمان، علما أنه إذا سار الاقتصاد الأردني كما هو عليه في الوضع الحالي فسيكون «الإرهاب» بحد ذاته، فكيف سيكون مع وجود أزمة مالية عالمية جديدة؟