تنشط
وسائل إعلام بين فينة وأخرى في بث أنباء غالبا ما تكون مفبركة ولا تتعدى نظاق
الشائعات حول وجود عفو عام قريبا لجذب مزيد من القراء، لينشغل بها الشارع وتتابع
بشكل حثيث من شريحة واسعة كانت من المحامين أم الموقوفين وذويهم؛ فتنسج الآمال
والخيالات لتأتي الصدمة بأنه كانت مجرد أقاويل.
لسنا ضد العفو العام بين فترة وأخرى على الأقل بما يتعلق بالقضايا
المالية، علما ان استغلال مناسبات وطنية ودينة لبث تلك الشائعات أمر غير مقبول،
وإن كان ولا بد فيمكن دراسة القضية بكل موضوعية بعيدا عن العواطف واستنادا لمن
يعارضون الفكرة من الأساس.
السؤال العريض الذي يثير الجدل عند تسرب مثل تلك المعلومات، إن كان من
يقبعون خلف السجون أو من الموقوفين يستحقون فرصة ثانية للاعتراف بأخطائهم والتأكيد
بعدم تكرارها ثانية، أم أنهم يجب أن يقضوا عقوباتهم تنفيذا للقوانين التي يجب الا
تتخطى أحدا.
يقينا، هناك من هم محكومون بقضايا مالية يستطيعون أن يجدوا حلولا لها
إن كانوا خارج السجن، وقضاياهم لا تتعلق بأفعال جرمية مثل قضايا القتل والمخدرات
والخيانة العظمى ومجالات اخرى لا يتسع المقام لذكرها.
الحكومة والنواب قادرون بشكل علمي على الخروج بصيغة منطقية وعلمية تمكنها
في النهاية من حل عشرات القضايا بطريقة سلمية، وتلقي بآثار ايجابية من الناحية
النفسية لمجتمع يعاني أصلا من ضغوط مادية وأخرى مرتبطة بالوضع الاقليمي.
العفو العام في كل الأحوال إن كان بصيغة تكفل الحقوق الشخصية للأفراد
ولا تمنح البعض فرصة تكرار الأخطاء، له آثار ايجابية غير مسبوقة؛ فنحن في أمس
الحاجة لموجة تسامح يمكن أن تبني في النفوس قواعد تتطور لاحقا لمحفزات في العمل
والبناء، وتبني ثقة كافية ما بين الافراد انفسهم والدولة أيضا.
بالتأكيد إن إصدار عفو عام بشكل عشوائي كما كان يحدث سابقا ومن خلال
مشاريع قدمتها الحكومات وباركها النواب دفعت أصحاب القرار إلى التردد أكثر من مكرة
من تكرارها، وأفرزت مزيدا من المعارضين لها.
الخلاصة إن الكل بحاجة لعفو عام يلقي بظلاله على مجتمع متوتر وقلق، في
إقليم يغلي، وان كان تكثيف الحملات الأمنية ضد المطلوبين وتحديدا المجرمين تلاقي ترحيبا
من أهل البلد، فعلى الأقل سيكون العفو مكملا منطقيا لتلك الحملات التي ستفرز في
النهاية معادلة عادلة لمن يستحق ومن لا يستحق.