تحسين التل:-
وطني من طراز نادر، حريص جداً على هيبة الوظيفة في كل موقع أو منصب أسند إليه. منذ أن كان يعمل أميناً عاماً لمجلس النواب، مروراً بالمطبوعات والنشر، حتى وصل الى رئاسة الوزارة ليعمل مستشاراً إعلامياً، وهو يؤمن بسياسة الباب المفتوح، والالتقاء مع الجمهور، فهو صاحب القلب الطيب، لين العريكة، الصلب الشديد في كل ما يتعلق بمصلحة الوطن العليا.
عمل مديراً عاماً لدائرة المطبوعات والنشر في ظرف كانت مسئولة عن الطفرة الإعلامية الهائلة التي مرت بها المملكة بعد تكاثر المواقع الإلكترونية، وأصبح كل من هب ودب على الإعلام يشتغل بالصحافة الرقمية، ويفتتح لها مدونة أو موقعاً إخبارياً يمارس من خلاله الإبتزاز، ونشر المعلومات غير الدقيقة، والتعدي على حقوق الآخرين الفكرية، والأدبية، والإعلامية.
استطاع السيد فايز الشوابكة أن يضبط إيقاع العملية الإعلامية بكل كفاءة، وقد شهد له الجميع؛ وخصوصاً من الوسط الإعلامي، كيف استطاع التوفيق والسيطرة على كثير من المواقع الإلكترونية التي ابتعدت عن منطق الإعلام، والمهنية، وفضلت أن تعمل وفق منطق الفوضى، والبحث عن المنفعة المادية، وعدم الإهتمام بمصلحة البلد بالدرجة الأولى.
كان الشوابكة يعمل بصمت، وبكل حنكة، واقتدار، وأحيانا يستمر عمله الى ما بعد ساعات الدوام الرسمي؛ لضبط المواقع الإلكترونية، وأحياناً كثيرة يتلقي الإتصالات حتى ساعات متأخرة من الليل لحل مشاكل إعلامية، تقع ضمن اختصاص دائرة المطبوعات والنشر، وأحياناً؛ خارج اختصاصه، فهو أولاً وأخيراً من موظفي الحكومة الأردنية، وجزء مهم جداًمن تركيبة الإعلام الوطني.
تعد دائرة المطبوعات والنشر التي اندمجت مع المرئي والمسموع في مديرية واحدة؛ من أقدم مؤسسات الإعلام الأردني، وقد واكبت تأسيس الإمارة في الربع الأول من القرن العشرين، والدائرة كانت مسئولة بشكل مباشر عن الصحف اليومية، والأسبوعية، والشهرية، والفصلية، والمطبوعات التي تتضمن الكتب والمجلات والنشرات الإخبارية، والاقتصادية، والفنية، والمطابع، ودور النشر والتوزيع، وكانت مهمة الدائرة من المهام الشاقة والمتعبة، والدقيقة جداً، وكأنها من دوائر الأمن الوطني.
وظف السيد الشوابكة إمكانياته للتوفيق بين الرقابة على كل ما يدخل الوطن وكل ما كان يطبع وينشر داخل الوطن، وبين الطفرة الإعلامية التي جاءت كنتيجة طبيعية للتقدم العلمي، وتكنولوجيا الإتصالات، والهجوم الواسع على قانون المطبوعات الذي يتعلق بترخيص المواقع والصحف الإلكترونية، ورغبة صاحب المهنة الحقيقي، أو المزيف في التعامل مع المواقع الإلكترونية من باب علمي ومهني ووظيفي، أو من باب الإبتزاز، والمنفعة، والتجارة، ومن هذا المنطلق؛ دافع الشوابكة عن ضرورة ترخيص المواقع وتعيين رئيس تحرير للموقع الإخباري، ومن يرفض تعيين رئيس تحرير لموقعه، لا تحرمه الدائرة من العمل، لكن؛ عليه أن يكون موقعه متخصصاً في الأخبار الإقتصادية، أو الرياضية، أو الاجتماعية، وفق التخصصات المطروحة في دائرة المطبوعات والنشر في ذلك الحين.
إذن استطاع السيد فايز الشوابكة وبما يملكه من خبرة، وبعد نظر أن يقنع الآخرين بالترخيص، والعمل بكل مهنية وفق التخصص المشار إليه، وكانت له مداخلات كثيرة على بعض الفضائيات، حدد من خلالها العمل الإخباري حسب الترخيص الممنوح، مع أن المستقبل يبشر بانفتاح هائل على وسائل الإتصالات، لكن لكل مرحلة تقييم معين، فالمطبوعات والنشر كانت تتعامل مع الورق، وأصبحت تتعامل مع الرقم والخبر المرئي، ولا نعلم ماذا يخبئ لنا مستقبل الإعلام فيما بعد.
شخصياً؛ أنا لا أعرف السيد فايز الشوابكة حق المعرفة، ولم ألتقي به على الإطلاق، لكنني متابع جيد لبعض المسئولين، وفراستي تخبرني بأن الشوابكة لديه الكثير من العمل الإعلامي، والمهني، والضروري الذي ينفع إعلام الدولة والوطن، ولو كنت صاحب قرار لما وجدت أفضل منه للإذاعة والتلفزيون، فهو بحق الوحيد القادر على إحداث طفرة إعلامية تتحدث عنها الأجيال الحالية والقادمة، ومن الظلم أن لا تستفيد منه الدولة في هذا المكان تحديداً.