الأخوان المسلمون :خداجية الطرح وركوب الموجة ونكران الجميل
بداية أعرف أن مقالي هذا سوف يجلب لي الكثير من النعوت من حناجر مؤيدي الإخوان المسلمين، ولكنه يعبر عن رأي شخصي أعتقد أنه صواب يحتمل الخطأ.
لقد تربى الإخوان المسلمون في الحضن الهاشمي والجميع يعلم أنهم الوحيدون من الذين سمح لهم الحكم الهاشمي بالعمل على الساحة الأردنية منذ حل الأحزاب السياسية في خمسينات القرن الماضي ،ليس هذا فحسب بل تقلدوا عدة مناصب وأتيحت لهم المنابر ،واخذوا ما كان يحلم به أشقاؤهم في البلدان العربية كمصر وسوريا وتونس وغيرها من الدول ؛حتى أن بعض الدول كانت تحرم عليهم إطلاق اللحى .إلا أن سماحة العائلة الهاشمية المنطلق من إرثها النبوي جعلها تتعامل معهم كأي نسيج وطني وفي فترة من الفترات كانت توصف العلاقة بينهم وبين الحكومة بالزواج العرفي.
وفي أول انتخابات نيابية حديثة (1989 ) فازوا بعدد كبير من المقاعد والحصول على ست حقائب وزارية مهمة وكان الجميع يتوقع أن يعملوا ما أثقلوا أسماعنا به من شعارات ،وما بحت به حناجرهم ،ولكننا لم نر شيئا فكل شعاراتهم كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء .وتقلص عدد نوابهم في المجلس الذي يليه، وللآن في كل دورة برلمانية يحيرونا فيشاركون مرة ويقاطعون أخرى وفي كلتا الحالتين يتهمون الحكومة بالتزوير والوقوف ضدهم !! ويبقى احتجاجهم قيد البيانات والخطابات فالمفترض فيهم أن ينسحبوا من أي مجلس يطعنون بصحته.
ذات مرة اجلس مع أسرتي أمام التلفاز فسمع ابني ذو الثمان سنوات جملة الإخوان المسلمون فسألني "ايش يعني أخوان مسلمون؟؟ وإحنا شو ؟ " فقلت في نفسي هذا الطفل البريء انتبه إلى شيء كان غائبا عن أبيه ففعلا إذا كانوا هم إخوان مسلمون فماذا نحن !!! وهل الدين عبارة عن حزب سياسي ! إذا كان الأمر كذلك فأن كل من هو خارج الحزب كافر! وهل يقتصر دورنا في الدين الإسلامي كمسلمين على السياسة فقط ؟؟
فلم اقرأ أن أبا بكر مثلا تسلم الخلافة لأنه زعيم اكبر حزب سياسي في وقته، وما رأيهم بترخيص الحركة الإسلامية في إسرائيل كحزب سياسي إسرائيلي !!!أم أن لديهم الغاية تبرر الوسيلة ؟!
نرى الإخوان المسلمين في كل البلاد الإسلامية ولاؤهم الأول للبلد الذي يحملون جنسيته ،إلا في الأردن؛ فمثلا الإخوان المسلمون في الكويت كانت مواقفهم فيما يخص الكويت أبان احتلال العراق لها وهاهم الإخوان المسلمون في مصر يضعون مصلحة وطنهم القطرية فوق كل اعتبار أما نحن في الأردن فلا نلمس إلا المسيرات مرة تأييدا لحماس ومرة تعزية بقاتل الأردنيين في الفنادق ، وعندما ضربت العقبة بصواريخ الزعران لم نجد إلا تصريحا خجولا يحمل إسرائيل المسؤولية وكان الصواريخ ضربت كوبا أو البرازيل!!!
وأتساءل هنا ما المشروع أو البرنامج العملي والواقعي الذي قدمه الإخوان لتسيير الحكم إذا ما وصلوا إليه؟؟ لا احد يجيب الإسلام هو الحل فقد شبعنا شعارات فضفاضة وتوزيع اتهامات وشبهات على الخلق،وهل إن وصلوا إلى الحكم سيرضون التخلي عنه ؟!؟.
وهل من رد الجميل لهذا البلد وقيادته طوال هذه الأعوام أن يستغلوا الموجة القادمة من ثورات في البلاد العربية تختلف عنا في ظروف كثيرة أهمها القيادة والمطالبة في تحديد صلاحيات الملك ،بحيث يصبح يملك ولا يحكم ؟؟وهل في الدين الإسلامي القائد يملك ولا يحكم إن كانوا يدعون الحكم بالدين الإسلامي !!!! والمطالبة بحل الأجهزة الأمنية التي يرجع الفضل إليها بعد الله فيما نحن فيه من امن وأمان ،وقبلها خرجوا علينا بفتاواهم العتيدة في الجيش الأردني ومهامه المختلفة خارج البلاد.هل المسيرات والاعتصامات وإغلاق الطرق والإضرار بمصالح الناس من الدين الإسلامي؟!.
لننظر إلى إخوتهم من جماعة حماس في غزة ماذا فعلت في بالشعب الفلسطيني من انقسام وفرقة ودمار وخراب والارتهان لقوى أحمد نجاد وأعوانه لا يستفيد منه إلا الأعداء ،والملاحظ انه في الآونة الأخيرة عندما بدأ أهلنا في غزة حراكهم السلمي من أجل المصالحة واستعداد محمود عباس للسفر لغزة للاتفاق ؛كان الرد بإطلاق صواريخهم على إسرائيل وعاد المشهد نفسه من قصف غزة صباح مساء.
أدعو الإخوان المسلمين في الأردن أن يرجعوا إلى رشدهم وان يبقوا على البقية الباقية من قبول المجتمع الأردني بهم وليحمدوا الله على نعمة القيادة الهاشمية وأن لا يردون الجميل إلا جميلا، وأن يبتعدوا عن أسلوب استغلال الفرص وركوب الموجة لأن ذلك لن ينفعهم بل سينقلب عليهم يوما ويعضون أصابع ندما يوم لا ينفع ساعتها الندم.