أخبار البلد- محمد علاونة
لم يمر أشهر قليلة على رفض مؤسسة الغذاء والدواء رسميا لشحنة قمح غير صالحة وتخالف المواصفات الفنية حتى تأتي شحنة ثانية تحتوي على نسبة تعفن أعلى من المسموح بها، ما يثير تساؤلات عن تكرار المسألة وخلال فترة قصيرة.
للتذكير هنالك عشرات الشحنات من مواد غذائية كانت ذرة أم سكر وأخرى حبوب سقطت في الامتحان الأول، ولولا متابعة الإعلام الحثيثة لمرت مرور الكرام، وأذكر قبل أكثر من عشر سنوات تم تمرير شحنة غير صالحة قيل في ذلك الوقت إنه سيتم تحويلها لأعلاف للحيوانات.
معروف عالميا أن شحنات المواد الغذائية، وتحديدا القمح تخضع لشروط صارمة من قبل الدولة المصدرة وضمن مواصفات معينة، كذلك الحال هنالك شروط للبلد المستورد لضمان جودتها وصلاحيتها، غير ذلك فهنالك أيضا اشتراطات مهمة بما يتعلق بالنقل والتخزين، فلماذا لا يستورد الأردن سوى تلك الشحنات الفاسدة ولماذا تتعرض خلال النقل لما يتسبب في تعفنها؟!
الشحنة الجديدة بحسب وزارة الصناعة والتجارة تبيّن أنه من خلال فحص لمؤسسة الغذاء والدواء وجود عفن ضمن كمية تزيد على 10 آلاف طن من الشحنة التي تقدر بـ52 ألف طن، وإذا تبين أن نسبة التعفن أعلى من المسموح بها بعد فحص الكميات المتبقية سيعاد تصديرها على الفور بكل سهولة؛ وذلك كله بناء على نتائج التقرير النهائي.
في المقابل نذكر بما حدث بالنسبة للشحنة السابقة، وكيف أثارت جدلا واسعا ما بين تقديم مؤسسة الغذاء للتقرير وإبلاغ الوزارة رسميا المستورد برفضها وضرورة إعادة تصديرها حتى تأخر الوقت ومرت شهور على الموضوع، وبالتأكيد فهذه الشحنة ستسلك ذات المسار؛ ما يثير سؤالا آخر عن جدوى الجدل في قوت المواطن بعد أن تبين الفحوصات عدم الصلاحية.
الأردن يشتري القمح من السوق العالمية بأسعار تتراوح بين 279 إلى 380 دولارا للطن، وتصل نسبة استهلاكه إلى 900 ألف طن سنويا، وما هو أكثر أهمية البقاء على مخزون احتياطي بكميات تكفي الاستهلاك المحلي ما بين تسعة أشهر إلى سنة كاملة، عبر العقود المبرمة مع شركات بيع القمح بشكل متجدد والاحتفاظ بكميات كبيرة منه في الصوامع، وما حدث يمكن أن يهدد الأمن الغذائي.
يمكن تقبل تعرض شحنات للتلف أو الضرر في حالات النقل، وبسبب أحوال الطقس أو عدم التزام الجهة الناقلة للمادة بالشروط المطلوبة وهذا يحدث في أي بلد بالعالم، أما أن تتكرر المسألة في شهور محدودة ويتبعها جدل عقيم، فهنا تكمن ضرورة محاسبة المقصرين ومعرفة الأسباب الحقيقية، وإن كان هنالك أشياء لا يعرفها المستهلك الذي سيبقى يتحسس رأسه عند تناول الغذاء وشرائه.
لدينا مؤسسات محترمة مثل «الغذاء والدواء» ولديها تجارب سابقة في الإصرار على عدم إدخال أي من المواد المخالفة، ونذكر هنا بكميات أسطوانات الغاز التي رفضت وغيرها، لذلك من الضرورة الاعتماد على نتائج تلك المؤسسة وتنفيذها فورا، وإلا إصرار البعض على الخوض في جدل حول الصلاحية يمكن أن يثير الشك إن كان الأمر متعمدا أو لغايات في نفس أصحابها.