قال مركز إحقاق للدراسات والاستشارات أنه تواترت القرارات الصادرة عن محكمة التمييز التي تؤكد فيها على حق كل من لحقه ضرر من مصنع الاسمنت بالتعويض، وقد سبق وأن أقام بعض المجاورين لمصنع الاسمنت برفع دعاوى للمطالبة بالتعويض عن الاضرار لحقت أراضيهم ومبانيهم ومزارعهم جراء الغبار الاسمنتي الذي يتطاير من هذه المصانع وجراء الغازات والعوادم المنبعثة من افرانها ومحامصها حيث يسقط هذا الغيار وغيره من العوادم على اراضي هؤلاء المجاورين المتضررين وما عليها من ابنية ومنشآت واشجار وهذا يلحق الضرر بهم وينقص من قيمة ممتلكاتهم، وهذا يقضي بإلزام مصنع الاسمنت بالتعويض العادل عن هذه الاضرار ونقصان القيمة التي تلحق بأراضي المجاورين وما عليها من ابنية واشجار .
وقد جاء في بعض قرارات محكمة التمييز ما يلي:
- إن مصنع الاسمنت وإن كان مشروعاً يتصرف فيه مالكه كيفما شاء إلا أن ذلك مشروط بأن لا يكون التصرف ضاراً بالغير أو مخالفاً للقوانين المتعلقة بالمصلحة العامة أو الخاصة.
- إن الضرر الذي لحق بالمدعين لم ينشأ عن بناء المصنع ولكنه نشأ عن استعمال ذلك المصنع وسوء تشغيله، وبالتالي فان سقوط غبار المصنع على عقارات المدعين يوجب الضمان وفقا لأحكام (256) من القانون الواجب التطبيق وليس احكام المواد (266 و 1026 و 1021).
- إن اجتهاد محكمة التمييز قد استقر على ان مالك الارض يستحق التعويض عن الضرر المستمر نتيجة استمرار تطاير غبار الاسمنت حتى ولو اشترى المالك الارض بعد اقامة مصنع الاسمنت ويكون التعويض وفق المعادلة التالية:
1- تقدير قيمة الارض قبل وقوع الضرر وقيمتها بعد وقوعه وعند اقامة الدعوى.
2- يقدر ما يصيب ارض المدعي من ضرر لاحق بها من تاريخ الشراء وحتى تاريخ اقامة الدعوى.
3- يكون ما يستحقه المدعي من تعويض نقص القيمة هو الفارق بين طرح القيمة الثانية من الاولى.
(قرار هيئة عامة رقم (1250/2002) تاريخ 5/9/2002.
وحيث ان محكمة الموضوع قد التزمت بهذه المعادلة وقد اعتمدت المحكمة تقرير الخبرة وبما ان الخبرة تعتبر من عداد البينات وان قاضي الموضوع حر في تقدير الدليل المقدم اليه وليس لمحكمة التمييز ان تعقب على ما توصلت اليه محكمة الموضوع من وزن البينة وترجيح بينة على اخرى طالما كان لهذه البينة اساسها القانوني ولم يرد مطعن قانوني او واقعي على ما توصلت اليه محكمة الموضوع اثباتا لوقائع الدعوى او نفيها.
وحيث ان تقرير الخبرة الذي اعتمدته محكمة الاستئناف قد جاء واضحا ومفصلا وقدر الخبراء التعويض وفقا للمعادلة المستقر عليها في اجتهاد محكمة التمييز والمشار اليها سالفا ومستوفيا لشروطه القانونية فيكون اعتماده من قبل محكمة الاستئناف وفق صلاحيتها الموضوعية واقعا في محله ومرافقا للقانون واسباب الطعن لا ترد عليه ويتعين ردها.