1- كنت مدعوا وعدد من الوزراء إلى ندوة حول حقوق المرأة العربية والمسلمة والتشريعات المطلوب تصويبها وتعديلها عقدت في قصر الثقافة عام 1996. افتتحت الندوة بآيات من الذكر الحكيم تلاها مقرئ أرسلته وزارة الأوقاف انتقى فيها من القرآن الكريم الآية 34 من سورة النساء التي جاء فيها: "واللاتي تخافون نشوزَهُن فعظوهنّ واهجروهنَّ في المضاجع واضربوهن…".
شهقت النساء في قصر الثقافة شهقة امرأة واحدة وتبادلن النظر مستغربات كيف أن المقرئ الفصيح لم يجد في القرآن الكريم في ندوة عن حقوق النساء إلا الآية الكريمة التي فيها عقاب المرأة كما لم يجد المقرئ الفصيح في القرآن آيةً تحضُّ على تكريم المرأة وإنصافها وحقوقها وكرامتها، مثل قوله عز وجلّ في الآية 195 من سورة آل عمران: "فاستجابَ لهم ربُّهُم أني لا أضيع عملَ عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى بعضُكم من بعض".
2- كنت مشاركا في اجتماع "الحوار البرلماني الأفريقي – العربي" الذي عقد عام 1996 تحت قبة مجلس النواب الأردني وكالعادة افتُتح الاجتماعُ بآيات من الذكر الحكيم. تلا المقرئ الذي أرسلته وزارة الأوقاف الآيةَ 106 من سورة آل عمران وجاء فيها: "يومَ تبيضُّ وجوهٌ وتسودُّ وجوه"، كان عدد كبير من المشاركين من وفود دول أفريقيا السوداء ذوي البشرة السوداء الذين بدت عليهم علامات الذهول والاستغراب فالعدد الأكبر من المشاركين من دول أفريقيا السوداء غير مسلمين ! وكأنّ الفصيح لم يقرأ الآية الأولى من قوله تعالى في سورة النساء:" يا أيّها الناسُ اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجَها وبثّ منها رجالا كثيرا ونساء".
3- صليت الجمعة الماضي في مسجد الحسين بن طلال في دابوق بصحبة معالي عبد الفتاح صلاح وزير الأوقاف الأسبق وعطوفة راضي الخص وعطوفة بشير الرواشدة وقد تصرف خطيب الجمعة بغرابة عندما قال إن الناس ثلاثة أصناف: الأول هم المؤمنون وأشار بسبابته اليمنى إلى القسم الأيمن من المصلين. وأضاف إن القسم الثاني هم الكافرون وأشار بسبابته اليمنى إلى القسم الأوسط من المصلين. وقال إن القسم الثالث هم المنافقون وأشار بسبابته اليمنى الى القسم الأيسر من المصلين الذي كان أربعتنا فيه !!
4- ابلغني أصدقاء صلوا الجمعة في مسجد الزميلي في شارع وصفي التل أن الخطيب تناول الأحزاب الدستورية المرخصة بالتجريح والذم ومنها حزب البعث وجماعة الإخوان المسلمين علما ان عددا من أعضاء هذين التنظيمين كانوا يصلون خلف الإمام.
هذا الخطيب لم يسمع بالدستور الأردني، لم يسمع بقانون الأحزاب السياسية، لم يسمع بالتعددية السياسية، لم يسمع بالوحدة الوطنية. هذا الخطيب يفتح ملحمةً ومحكمةَ تفتيش على حسابه الخاص يفهرس ويصنف ويهاجم فيها ويذبح ويسلخ وفق تكوينه الثقافي وليس وفق مناقب الجالس على منبر رسول الله الذي يجدر أن يتحلى ببعض صفاته، عليه السلام؟
اعتقد أن الحزبيين المحترمين، الذين يصلّون خلف هكذا خطباء، عليهم أن ينبهوهم وان يرفضوا التجريح والتشكيك والتخوين الذي يصيبهم أمام أنفسهم وأمام أبنائهم وأمام أصدقائهم الذين يصلون معهم. وكان يجدر بي أن ارفض علنا إشارة الخطيب التعسة التي تصمنا بالكفار والمنافقين واخشى انّ هذا ما سأفعله ويفعله غيري إن تكررت إساءة أي خطيب.
واعتقد أن وزير الأوقاف الراشد المثقف سيضع حدا للتطاول على الدستور والقانون من قبل خطباء يهرفون بما لا يعرفون ولنا الثقة في انه سيتصرف ولن يسمح بالمزيد من استمرار هذه المخالفات الجسيمة والخروج الفردي المزاجي على الذوق العام.