أخبار البلد - سامر خير احمد -
تعرضتُ، الأسبوع الماضي، لمحاولة اعتداء بدني، تبعتها مطاردة، في الشارع العام، مترافقة مع تهديد باستعمال السلاح الناري ضدي، من قبل أحد الأشخاص على خلفية موضوع وظيفي في المؤسسة التي أعمل فيها.
بعد لجوئي إلى مسجد النورين، الواقع إلى جوار مبنى أمانة عمّان، حيث أعمل، هرباً من التهديدات الجدية باستعمال السلاح، نجحتُ في إجراء اتصالات هاتفية، قام على إثرها مدير مدينة عمّان، المهندس فوزي مسعد، باستدعاء ضابط أمن إلى الموقع. وبينما ظل المعتدي واقفاً على بعد مئتي متر، سألتُ الضابط الذي أبدى استعداداً تاماً لأداء واجبه والتدخل في الموضوع: في حال تقدمتُ بشكوى ضد المعتدي، هل يمكن لذلك المعتدي أن يتقدم بشكوى هو الآخر، وقد يرفقها بتقرير طبي يدّعي فيه الإصابة، فيصير حالي كحاله، وكأننا كلينا في نفس المستوى من الاعتداء؟ قال لي الضابط: طبعاً ممكن! وأضاف زملاء لي كانوا تجمعوا في المكان: يمكن أن يجري توقيفكما معاً في النظارة!
تخيلوا: شخص يعتدي على آخر، فلا يستطيع المعتدى عليه أن يأخذ حقه بالقانون، بل عليه أن يخاف من تدخل القانون في المسألة، لأنه سيكون والمعتدي في مستوى واحد من المحاسبة. ثم قد ينتهي الأمر بمصالحة بين الطرفين يتدخل فيها "وجوه الخير". وهكذا يفرّ المعتدي باعتدائه، أما المعتدى عليه "فراحت عليه"، وعليه أن يرضى بالسلامة!
هكذا ظل المعتدي واقفاً في مكانه، آمناً مطمئناً، إلى جوار سيارتي حيث وقع الاعتداء. ولم أتقدم أنا بشكوى أمنيّة، لأنه ليس ثمة ضمانات بأن لا ينقلب الأمر ضدي! واكتفيت حتى الساعة باللجوء إلى الإجراءات الوظيفية، إذ أبدى معالي أمين عمّان الأستاذ عقل بلتاجي، حزماً كبيراً تجاه الموضوع، وتصرّف كما عرفته دائماً: رجلاً قوياً، شامل الرؤية، يملأ موقعه باقتدار.
إذا كانت الإجراءات الوظيفية قد انحازت لجهة الحزم ضد مثل هذه السلوكيات، فماذا عن الإجراءات الأمنية؟ وما الضمانات الآن أن لا ألاقي نفس التهديد أو الاعتداء في الأيام المقبلة، بعد أن تم تنفيذ الإجراءات الوظيفية التي كانت سبب الاعتداء الأول؟
أسأل معالي وزير الداخلية: ما الذي يحميني، كمواطن، من أعمال البلطجة، بخاصة حين تقع على خلفية قيامي بواجبي الوظيفي؟ وهل يُعقل أن يتعرض المرء لاعتداء، ثم يظل بعد ذلك أيضاً معرضاً للاعتداء من الشخص نفسه الذي يبقى حراً طليقاً يهدد ويتوعد، لا رادع أمنياً له؟!
ها أنا أتلقى على هاتفي الخلوي اتصالات من أرقام مجهولة، فلا أجيب عنها. وكنت تعرضت لمواقف شبيهة من الشخص نفسه سابقاً، ولأنه لم يجد رادعاً لتصرفاته، فقد وصل الأمر إلى ما وصل إليه. ها قد وجد الآن رادعاً وظيفياً، لكن لن يحول دون سلوكه مجدداً إلا وجود رادع أمني حقيقي، لا أعرف كيف أحصل عليه ما دام يمكن للمعتدي أن يقوم باعتدائه، ثم يشتكي ضد المعتدى عليه!
سيظل بلدنا بلد الأمن والأمان رغم أنف التصرفات الفردية الشاذّة. وسيظل مجتمعنا طيباً متمسكاً بمكارم الأخلاق. لكن لا يجوز السكوت على تصرفات وسلوكيات تكدّر السلم العام، لأن السكوت يغري المتجاوزين بتوسيع تجاوزاتهم، وفي ذلك ما يهدد المصلحة العامة، فضلاً عن تهديده مصالح الأفراد وأمنهم الشخصي.
أظن أن معالي وزير الداخلية، المعروف بنبل أخلاقه ورجاحة عقله، يمكنه أن يساعد المواطنين في سد هذه الثغرة القانونية التي ينفذ منها المعتدون والبلطجية، وأن يدافع عن الحق، وأن يحمي الناس حتى يلتفتوا إلى أعمالهم بأمان.