يفترض ان تنعكس المتغيرات السياسية الاخيرة على كثير من الميادين الانتخابية للهيئات النيابية الاردنية بما فيها النقابات المهنية.
وانتخابات نقابة المهندسين التي تشد الابصار اليها هذه الجمعة تفرض نفسها حدثا بارزا لاهمية نتائجها في قراءة مشهد التغيير الذي حدث في الاردن بعد سقوط اجندة الاخوان المسلمين في المنطقة.
والسؤال الذي يطرح نفسه قبل ساعات من زحف المهندسين الى صناديق الاقتراع، هل سيواصل الاخوان المسلمون بسط سيطرتهم على هذه النقابة الاكثر عددا والاقوى ماليا مقارنة بالنقابات والهيئات المدنية الاخرى؟.
لا شك ان المعركة ستكون ساخنة لان التحالفات بعد احباط مخطط الربيع العربي في الاردن وغيره من الدول العربية تغيرت، فحلفاء الامس اصبحوا خصوم اليوم، ومهما حاولنا أصباغ الصفة المهنية على هذه الانتخابات الا ان التيار الاسلامي كان دائما يفرض الطابع السياسي على صناديق الاقتراع وكذلك على طبيعة برنامج عمل مجلس النقابة في تقديم العمل السياسي على المهني.
ولكن هل الاخوان المسلمون هذه الايام صفا واحدا كما كانوا في الانتخابات الماضية، وهل الصراع الذي يعيشه التنظيم ما بين الجمعية الشرعية والاخرى غير الشرعية سيكون واضحا في هذا المعترك الانتخابي النقابي الاضخم؟. والسؤال الاهم هل مرشحي التيار الاسلامي او القائمة البيضاء مقبولين لدى جماعة الاخوان المسلمين المرخصة ام انهم محسوبين على القيادة السابقة؟.
هذه الاسئلة تبرز لاهميتها في قياس حجم قوة التيار الاسلامي في هذه الانتخابات، وكذلك اثرها في تعظيم فرص التيار المقابل من يساريين وقوميين ومهنيين لكسر احتكار خصمهم التقليدي على مجلس النقابة. كما ان حيادية الاخوان المسلمين المرخصين او تدخلهم لمنع السابقين من احكام سيطرتهم على المهندسين من شأنه ان يقلب المعادلة لصالح التيار الوطني والمهني الذي تمثله القائمة الخضراء.
اما الذي يرعب التيار الاسلامي في هذه الانتخابات هو ان يزيد عدد المهندسين المقترعين عن اي انتخابات سابقة. فرقم الآمان بالنسبة لهم ان لا يتجاوز عدد المقترعين عن سبعة الاف مقترع في حين ان الذين يحق لهم الانتخاب هم عشرات الالاف من المهندسين الاعضاء الذي يزيد عددهم عن 100 الف مهندس.
وفي حال كانت الاجندة السياسية سيدة الانتخابات فان المؤيدين لان تكون نقابة المهندسين شريان وطني يتغذى منه الاقتصاد الوطني، وان تكون اولوية مجلسها المهندس الاردني وفتح اسواق العمل المحلي والخارجية له مطلوب منهم ان يزحفوا الى صناديق الاقتراع لاختيار المجلس الذي يلبي طموحاتهم ويحقق تطلعاتهم وآمالهم.
ومهما كان للمتغيرات السياسية تأثيرها على المشهد الانتخابي لنقابة المهندسين، فان الفيصل فيما تفرزه صناديق الاقتراع هو حجم مشاركة المهندسين. فالتنظير لا يحقق التغيير، والصوت وحده لا يكفي ايضا ما لم يكن هناك حراكا حقيقيا من قبل اصحاب القرار الحقيقيين في نقابة المهندسين وهم اعضاء الهيئة العامة. فهل يلتفت المهندسون الى اهمية الادلاء باصواتهم في هذه الانتخابات لانهم بناة الوطن والاحرص على حماية منجزاته وجماله وتعزيز امنه واستقراره. المعركة ملتهبة، والقلوب على يقين ان التصويت سيكون لصالح الاردن.